قصة قصيرة
من غلالها..."مهين"
_________________
كان أسمراً متمرداً لم يبلغ العاشرة حينها,كان وجهه معفراً بتراب اللعبةالمشاع, ورأسه ثورةً على كلِّ الحال ,يكسوه شعرٌ وبقايا من قشِ بيادرها المحروقة,قَدُّهُ عودٌ كان قد سرقه من صفصافة الزمن,وخصره قطعة من حبلٍ كانت مرمية على قارعة الأقدار,تخنق "سركسه" كما يخنق البعد قريته النائية.
رجلاه حافيتان,كانتا أول ما تحرر من جسده باتجاه الحلم,يداه سوداوان متقشبتان,لم يكن أحدٌ يظنُّ أنَّ هذا الجفاف سيكون خبزاً أبيضاً يزور ما استطاع من هذه البطون الخاوية, فيشرق حمداً على مساحات الوجوه الشاحبة, ودعاءً يحتل ألسنة البؤساء.
لطالما أضحك قريته بتمرده صغيراً ولطالما أكل من تينها وعنبها خلسة من عيون أصحابها,ينام قبل أن يصحو فانوس أبيه, ويصحو على زقزقة أصحابه قبل أن يستيقظوا,يعشقهم حدَّ التماهي كيف لا, وهم ذاكرته المسافرة دوما إلى تلك الجدران المنتوشة الظلال ورائحة طينها الطاهر.
كم كان يحب لعبة " الجورة " !
و كم كان يلعبها بامتلاء !
لكنّها اليوم تلعب به وعلى طريقتها وهو ابن الستين ربيعاً,تعطيه من طرف الربيع حلاوةً,فيقفز منتشياً,وما إن تلامس قدميه وجه الأرض حتى يسمع تحتهما صوت تكسُّر وريقاتٍ صفرٍ لفظتها حكاية العمر المثقلة.
كعاشقين هو وهي يختلسان من الظَلام بعض حيزه كلّما همَّ بتقبيل شفتيها أشاحت بوجهها ليعيد المحاولة كرّةً أخرى ظنا منه أنّه نوعٌ من أنواع الخجل "خجل البنات" لكنَّ ما كان في جرابها هو أكبر من ظنِّه بكثير, هي سِيالةٌ من نوعٍ آخر, انتقلت من جوفها لجوفة عبر قبلةٍ مغتَصَبةٍ, لتحيلهما في النهاية لكومة من رمادٍ, لا زالت تنتظر كفّ عيسى "عبد الله" لتقيها وخزات النسيم ونزق الريح النائمة في بطون أيلول.
محمد أحمد العزالدين
23/5/2017
من غلالها..."مهين"
_________________
كان أسمراً متمرداً لم يبلغ العاشرة حينها,كان وجهه معفراً بتراب اللعبةالمشاع, ورأسه ثورةً على كلِّ الحال ,يكسوه شعرٌ وبقايا من قشِ بيادرها المحروقة,قَدُّهُ عودٌ كان قد سرقه من صفصافة الزمن,وخصره قطعة من حبلٍ كانت مرمية على قارعة الأقدار,تخنق "سركسه" كما يخنق البعد قريته النائية.
رجلاه حافيتان,كانتا أول ما تحرر من جسده باتجاه الحلم,يداه سوداوان متقشبتان,لم يكن أحدٌ يظنُّ أنَّ هذا الجفاف سيكون خبزاً أبيضاً يزور ما استطاع من هذه البطون الخاوية, فيشرق حمداً على مساحات الوجوه الشاحبة, ودعاءً يحتل ألسنة البؤساء.
لطالما أضحك قريته بتمرده صغيراً ولطالما أكل من تينها وعنبها خلسة من عيون أصحابها,ينام قبل أن يصحو فانوس أبيه, ويصحو على زقزقة أصحابه قبل أن يستيقظوا,يعشقهم حدَّ التماهي كيف لا, وهم ذاكرته المسافرة دوما إلى تلك الجدران المنتوشة الظلال ورائحة طينها الطاهر.
كم كان يحب لعبة " الجورة " !
و كم كان يلعبها بامتلاء !
لكنّها اليوم تلعب به وعلى طريقتها وهو ابن الستين ربيعاً,تعطيه من طرف الربيع حلاوةً,فيقفز منتشياً,وما إن تلامس قدميه وجه الأرض حتى يسمع تحتهما صوت تكسُّر وريقاتٍ صفرٍ لفظتها حكاية العمر المثقلة.
كعاشقين هو وهي يختلسان من الظَلام بعض حيزه كلّما همَّ بتقبيل شفتيها أشاحت بوجهها ليعيد المحاولة كرّةً أخرى ظنا منه أنّه نوعٌ من أنواع الخجل "خجل البنات" لكنَّ ما كان في جرابها هو أكبر من ظنِّه بكثير, هي سِيالةٌ من نوعٍ آخر, انتقلت من جوفها لجوفة عبر قبلةٍ مغتَصَبةٍ, لتحيلهما في النهاية لكومة من رمادٍ, لا زالت تنتظر كفّ عيسى "عبد الله" لتقيها وخزات النسيم ونزق الريح النائمة في بطون أيلول.
محمد أحمد العزالدين
23/5/2017
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق