الأحد، 7 مايو 2017

المتسابقة رقم (4) بمسابقة القصة القصيرة ..العفاف .. للأستاذة / نرجس عمران

نرجس عمران 
سورية 


العفاف -جزءتاني-
أمي ....
مرتجفةً قالتها عفة لكنها توقفت عن استهجان واستنكار طلب أمها بمجرد أن رمقتها أمها بنظرتها الغاضبة العاقدة الحاجبين .
خلعت مريلتها وأحتضنت جرتها وذهبت حانقةً مجبرة 
تركت أغنيتها المفضلة في المطبخ مع صحونها بإنتظارها ريثما تعود .
وبدأت الأن قراءة المعوذات في سرها .
تستأنس ببعض النور إن وجد تارة هنا ًأو هناك ، أو بضع الناس إن صادفتهم تارةً أخرى .
تتمتم في سرها إستياءها كي تنس خوفها 
ما اعتادتْ عفاف أبداً الخروج في وقت متأخرٍ كهذا 

الشبابُ ليلعبوا 
البنات ليخدموا 
عفة اغسلي 
عفة هاتي 
عفة اجلبي 
عفة عفة 
أحضري لأباكي
أعطي أخاكي 
عفة أين هذا ؟؟
وأين ذاك؟؟ 
وكله أتقبله 
الإ اني أخاف الليل
ياربي
وقصص الظواهر المدهشة ترعبني لا أريد أن أكون بطلة لإحداهامطلقاً 
هذا كان حديث عفة مع ذاتها 
إلى أن وصلت مفرق النبع 
تنفست صعداءها وأحتضنت جرتها الفارغة إلى صدرها كما لو انها طفلها ،أو ملاذٌ لها وجدتْ فيها أمانها وأمنها الوحيد والأخير .
وبدأت قراءة المعوذات من جديد 
فهنا تكمن المشقة الحقيقية 
بالنسبة لعفاف
لا نور يصل للنبع طريقه رغم قصرها مظلمةٌ جداً 
هي قرية بسيطة فيها بعض الإنارة العامة وأكثرها ذات مصابيح مكسورة 
لأول مرة تتمنى عفاف وهي تمشي رويداً رويداً تتحسس الدرب أمامها ببطء خطواتها .
لو أن النبع مزدحم ليس من الضروري أبدًا أن أكون أول الواصلين كما يتمنى الجميع عندما يقصدون النبع نهاراً 
لكن عبثًا تمنتْ إنهاأول الواصلين الأن لن يزاحمها أحدٌ أبداً.
تحسستْ السبيل بهدوء 
وضعت جرتها تحت خيط الماء الرفيع وأمسكتها جيداًوهي تستعجل الماء أن يسرع ،أن يغدق، أن يتدفق ،
أن يملأ جرتها لتعود بيتها . 
نبضُ قلبها المسموع لها فجأةً توقفْ ، جحظتْ عيناها جفلتْ مكانها تخشبتْ يداها على جرتها وكأنها جزء منها وانصهرا في حالٍ واحد .
لحظةَ ربتَ أحدهم على كتفها قائلاً: 
مرحباً عفة 
كم أنا محظوظٌ اليوم ؟!
كي أجدك الليلة في مسائي العذب هذا. . 
هي ثوانٍ بل دقائق بل أكثر ،
مسرعةً مرتْ أم ببطء، المهم إنها انقضتْ. 
انقضتْ خارج حدود إدراك عفاف ونطاق وعيها. 
حتى استطاعتْ أن تستجمع قدرتها ربما تلقائيتها ربما طاقةً ما حتى لوكانت صغيرة قد تساعدها على الحراك،
ومن دون إحساس ٍ منها أو شعور الإ بالقهر والعجز والضياع وكأنها فقدت نعمة الإدراك تماماً 
أو أن عقلهاً مازال تائهاً عنها لم يعد إلى رأسها بعد .
خيبةٌ ،خوف، هي ما سيطرت على حواسِ عفاف كاملةً ،ممزوجةً بالرعب والوجل ولكن أبداً ليس هو الليل أو ظلامه السبب إنهما الأن لا يعنيانها أبداً .
حتى لسانها الذي انعقد خانها وما استطاعتْ حروفها فكّ عقدته 
حملت جرتها التي إمتلات حتماً الأن وهرعت إلى بيتها لا ترى أمامها أبداً .
لا تستجدي بعض الضوء ابداً لينير دربها ،ولا تقتفي خُطا الناس لتؤنس وحدتها. 
 وصَاحَبها في طريق الإياب اليأس أم الحيرة أم الدهشة أم الصدمة حتماً عفاف لا تعرف حتى 
وصلت الشرفة حيث والديها يجلسان و يتسامران .
فوراً بادرتها أمها بالقول : أرايتِ 
لم تتأخري عفة النبع قريب والدار أمان ؟
أجابتها عفاف وهي تجهش بالبكاء الذي تقاومه بصعوبةٍ من هول الحياء 
إذاً خذوا ماءَكم العذب هذا 
ارتوا منه ما شئتم الارتواء
هو عذب ممزوج فقط بعفة عفة 
مطهرًا بعذاب عذريتها مدى حياتها 
لسماعهما كلاماً كهذا 
تشدق الأب عطشه
بكت الأم ابتسامتها قهراً 
حين نظرا إلى عفاف شَابْتها اليافعة 
ثوبها لم يرجع كما غادر 
لم يعد ناصع البياض كما كان 
باتت تشوبه بعض البقع الحمراء حاول ماء الجرة الذي انسكب بتناغم وتوافق مع خطا عفاف المسرعة غسلها ولكنه لم يفلح 
دموع قهر عفة أكدت أغنيتها 
التي بدأت تغنيها وقد أدبرت لوالديها ظهرها 
هي اليالي كدة 
هي الليالي 
طبع الليالي كده 
طبع الليالي ..






ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق