الأحد، 7 مايو 2017

المتسابقة رقم (5) بمسابقة القصة القصيرة .. العفاف جزء 1 .. للأستاذة نرجس عمران

نرجس عمران 
سورية 


العفاف -جزء ا-

الأن وقد أصبحت عفاف المعروفة باسم عفة كما اعتاد الجميع على مناداتها ، شابةٌ يافعة بمقدورها أن تنصب طولها خلف الصحون في المطبح لغسلها ــالمجلى ــ 
دون الحاجة إلى كرسي صغير تضعه تحت قدميها ليزيد من طولها ويُحسن من أداءها في تنظيف الأواني .
ترتدي ثوبها الأبيض هو المحبب لديها .
إنه يمنحها إحساس بأنها عروسٌ جميلةٌ 
فتتغاوى به وتستمد ثقةً لنفسها منه .
لفتْ عفاف ثوبها بمريلة ــ مئزرة ــ كيلا يتسخ أو يتبلل حول خصرها وعنقها .
وبدأت غسل الصحون وهي تدندن أغنيتها المفضلة ــ هي الليالي كدة 
هي الليالي 
طبع الليالي كدة 
طبع الليالي 
ـــ
تَسْرح بأحلامها في فضاء رحب جميل بعيد بعيد جداً عن واقعها الرتيب الممل .
أعادها من فضائها هذا صوت والدتها الطيبة المسكينة القنوعة الشرقية
مخاطبةً إياها 
أعطني كأس ماءٍ عذبٍ لوالدك عفة .
والد عفاف يعود من عمله ظهرًا يتناول غداءه ويستلقي لغفوة الظهيرة حتى توقظه رائحة الشاي الذي أعدته زوجته 
ليمضيا المساء سوياً على شرفة منزلهما المطلة على وادي القرية الآخذ ،وهما يتسامران بأحاديث الناس تارةً، ومشاكل المنزل والأولاد 
تارة ًأخرى 
 كما يفعل عادةً كل الأزواج في هذه القرية البسيطة الغافية على ضفة الحضارة 
المستلقية على يمين وادي بديع يتأملان النجوم في سمائها الصافية وينتعشان بنسيم صيف عليل 
لطالما انتصف الليل دون أن يشعرا بالوقت هكذا حتى يَغلب الأب النعاس معلناً انتهاء مراسم نهاره. 
حسناً أمي بهدوها المعتاد أجابت عفاف وهي تغسل يديها من أثر الصابون ،أخصرت كأساً نظيفاً ولكن للأسف جرةُ الماء فارغة تماماً...
هاكِ أمي ماء من الصنبور 
فالجرة فارغة 
قالت عفاف بنعومتها المعتادة .

لا ياعفّة قد يغضب والدك إشتهى ماءً عذب ليطفئ عطشه من تعب النهار
خذي خذي جرتك ابنتي وإذهبي إلى النبع هيا 
أحضري الماء الذي يحبه والدك 
هكذا أجابتها الأم بكل بساطةٍ وهدوء. 
أجابت عفاف وهي تنظر باستغراب أجحظَ عيناها 
أرجوكي أمي أنا أغسل الصحون 
لا عفة والدك الأهم هيا 
هكذا قاطعتها الأم 
قالت لها عفاف ممتعضةً وخائفة 
أمي الوقت جِد متأخر وأنا حقاً أخاف الليل وحدي 
أجابتها أمها الطقس لطيف 
والناس يملؤن الشارع يتسامرون 
أسرعي خطاكي لن تضنيك المسافة فالنبع قريب 
أجابت عفاف بإزدراء 
هل أركض أمي كي يصبح النبع قريب ؟؟؟
أصبحتُ شابةً أمي وهذا الأمر معيب ،
ثم إن النبع نائٍ عن الطريق العام 
ولا نور يصله أمي أخاف.
أرجوك أمي .
أمي أرسلي أحد أخوي أو كلاهما 

بدأتْ ملامحُ وجه الأم تتغير وصوتها يخشن وهي تجيب عفة بفظاظة 
الناس هنا كلهم أهل 
أنت أصبحت شابةً عفة لمّ الخوف من الليل ؟؟؟ تذهبين وتحضرين الماء وينام والدك قبل أن يعود أخواك
أخوا عفاف فاضل ونضال هما أكبر منها سناً لكنهما يمضيان وقتهما في الصيف على البيدر ــ الساحة القديمة ــ 
يلعبان كرة القدم. 
إن لم يتأذ أحد منهما أو يصاب بمكروه لا يفكران بالعودة إلى المنزل أبداً حتى ينهكهما التعب  وذلك يحدث عادةً على مشارف الفجر .

......يتبع


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق