الأحد، 6 نوفمبر 2016

الطّبيب البيطريّ .. بقلم القاص الكبير الأستاذ/ عبدالصبور محمد الحسن

الطّبيب البيطريّ
لا أدري إن كان تخصّصي العلميّ كطبيب بيطريّ يتطلّب منّي أن أكون إنسانا موسوعيّا يعرف كل شيء عن كل المخلوقات، من الدّيناصورات المنقرضة منذ اآلاف السّنين، إلى النّمل الذي في الجحور، بل وأحيانا عن الإنسان، وكأنّني موسوعة (ويكيبيديا) يجب أن يحتوي عقلي على جواب لكلّ تساؤل يتعلق بذلك! 
فأحدهم يسألني: كم عدد البيوض التي تضعها سمكة التْرُويْتْ؟ 
والأولاد يأتون لي بالسحالي لتحنيطها! 
أما إحداهنّ، فتتّصل بي -كوسيلة مساعدة- لسؤال المئة ريال في برنامج من سيربح (الفيزون) :
كم كيلو متر يمكن للبطريق أن يطير في السّاعة الواحدة؟
وهذا جاري يأتي بطائر مهاجر مريض، يريد أن يعرف ما اسمه، وفي أي البلاد كان، وإلى أي البلاد ذاهب، وماذا يأكل، وما هو مرضه، وما هو علاجه!؟
أمّا أحد أصدقاء أبي، فيدخل معي في نقاش مطوّل حول أمراض الحيوان، ومدى تشابهها مع أمراض الإنسان، وهل تتشابه الأدوية بينهما؟
وعندما قلت له نعم، تتشابه الأمراض بسبب التشابه التّشريحي والوظيفي، وبالتّالي تتشابه الأدوية ولكن عياراتها مختلفة!
فقال بفرح عارم وهو يكشف عن ركبتية المتورّمتين:
هذا ما كنت أنتظره منك، أنظر، لقد عجز الأطبّاء عن علاج ركبتيّ، أريد منك إعطائي المرهم الذي تستعمله للأبقار في الحالات المشابهة!
وهذا صديقي أحمد، طبيب بشريّ، أرسل لي حالة مستعصية لشاب مصاب بالجرب مع رسالة توصية!
والمشكلة الأكبر أن الجميع ينظر إلي على أنّني ملجأ للأيتام، فيأتي النّاس لي بكل قطّ معطوب، أو كلب شارد مريض، يتركونه ويغادرون، اليوم جاء لي أحدهم بخمسة قطط صغيرة، قال إنّ أمّهم ماتت بالقصف، فتساءلت إن كنت أنفع لأن أكون أما صالحة لهم ...!
قال وهو يبتعد مبتسما: أنت طبيب بيطريّ ...!!
حتى في محاولات بحثي عن زوجة، كان حمايَ المفترض يسألني أسئلة صعبة، وكأنّني سأتوظّف في ناشيونال جيوغرافيك:
كم هي مدة الحمل عند الدّلافين؟
كم عدد الأنياب في فم التّمساح؟
عدّد عشرة من الحيوانات المهدّدة بالانقراض؟
كم عدد ضربات القلب عند الضّفدع الإفريقيّ المرقّط؟
طبعا، لا يشفع لي أن أقول: أنا طبيب بيطريّ مختصّ بالحيوانات الاقتصاديّة الكبيرة، فلا أعرف الكثير عن الكلاب والقطط والطّيور، ولا أعرف شيئا عن الأفاعي والسّلاحف والدّبّ القطبيّ! تلك تخصّصات أخرى.
البارحة زارت أمّي صديقة لها وعجوز مثلها، فنادتني، قالت: أنا أعرف أنك مختصّ بالأبقار، وسأطلب منك طلبا من صلب اختصاصك:
عندي بقرة ترفسني عند حلابتها، أريد منك أن تكتب لي تعويذة أو رقية شرعيّة لتكفّ عن الرّفس!



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق