الخميس، 30 أغسطس 2018

((… عوالمُ ليستْ لأمثالنا… )) .. بقلم الأستاذ/ عبدالرزاق الأشقر

قارئي الكريم
إذا أكملت القراءة فأنت غير ملول، و إن لم تكمل فأنت غير ملوم، وربما خرجت بشيء ما أو دخلت ولم تخرج من هذه العوالم
((… عوالمُ ليستْ لأمثالنا… ))
غريبانِ كنَّا نحثُّ الخطا
إلى شارعٍ موحشٍ مظلمِ
فقالَ صديقي أعتمٌ هنا
أجبتُ تخافُ منَ المعتمِ
و شدَّ قميصي اتئدْ ربَّما
دخلنا إلى عالمٍ مبهمِ
فقلتُ تجرَّأْ فإنَّ المنى
تَحصّلُ منْ جرأةِ الضَّيغمِ
و إنَّا طليقانِ ملءَ الفضا
و لسنا حبيسينِ في قمقمِ
وقفنا كلانا معاً وحدنا
و كانَ السُّؤالُ بملءِ الفمِ
إلى أينَ نمضي و قدْ مضَّنا
طريقٌ بأقدامنا قدْ دَمي
كلانا يفتِّشُ عنْ غامضٍ
و إنَّ الغموضَ لنا ينتمي
و ليتَ بأنَّا ولجنا بهِ
كما يلجُ الصُّبح للأسحمِ
إلى عالمٍ كانَ رحبَ الفَنا
عديمَ المياهِ و كمْ منْ ظمي
و كانَ الفراغُ يحيطُ بنا
سواراً يُلفُّ على المعصمِ
و ودعني صاحبي قائلاً
ستدخلُ للعالمِ المجرمِ
فصارَ وداعاً بعمقِ الرُّؤى
كجرحٍ ينزُّ الصَّدى مؤلمِ
دخلتُ إليهِ كنهرٍ غدا
مليئاً بموجٍ كمثلِ الطَّمي
و لكنَّ لوناً بدا قانئاً
كلونِ الشَّقائقِ و العندمِ
أَتَونٌ منَ الموبقاتِ غلى
و يوقدُ بالنَّاسِ حتَّى حمي
و أخدودُهُ لمْ يعدْ واحداً
كعدِّ الكواكبِ و الأنجمِ
تخطَّى حدودَ العقولِ بما
تلطَّخَ بالسُّوءِ حتَّى عمي
و قدْ صمَّ أُذْنيهِ عنْ صوتنا
و كشَّرَ ناباهُ كالضّرغمِ
رجعتُ أهرولُ يا صاحبي
رجوعَ المقهقرِ و المرغمِ
و رجلاي تعدو بلا أرجلٍ
كعدوِ الفريسةِ منْ شيظمِ
و إنِّي الضَّعيفُ بلا صاحبي
و لستُ المجرِّبَ لستُ الكمي
و كانَ صديقي الَّذي لامني
تبصَّرَ كالفارسِ المُعْلَمِ
غريبينِ كنَّا و لمَّا نزلْ
شغوفينِ نبحثُ في المعجمِ
عنِ الكلماتِ الَّتي أصبحتْ
كلدغِ العقاربِ و الأرقمِ
فماذا اقترفنا و في حيِّنا
ألوفٌ منَ النَّاسِ كالطَّوطمِ
و منْ صاغَ منّا لنا عالماً
أبادَ القبائلَ منْ جرهمِ
و منْ راحَ يخطبُ ودَّ الرُّبا
أتتهُ الأزاهيرُ في الموسمِ
و منْ يتعجَّلْ قطوفَ المنى
تضرَّسَ أكلاً منَ الحصرمِ
و منْ يتصدَّى لدرءِ الرَّدى
رمتْهُ المنيةُ بالأسهمِ
عليكَ بنفسِكَ فأربأْ بها
و كنْ في حياتِكَ كالمُحْرمِ
تلاقي الصَّعابَ بأهوالها
فنعمَ اقتحامكَ للمغنمِ
و دعْ بصماتكَ في حلِّها
تدلُّ على الرَّسمِ و المرسمِ
و ليستْ نجاتكَ منْ صعبِها
نجاةً منَ العاجلِ المبرمِ
وإمَّا ابتليتَ بحبَّ الدُّنا
و حبِّ الظُّهورِ غداً تندمِ
فلا المالُ باقٍ و لا أهلهُ
جميعُ الخلائقِ لمْ تسلمِ
عوالمُ ليستْ لأمثالنا
فنحنُ سنوطأُ بالمنسمِ
و إنِّي و إيَّاكَ يا صاحبي
شريكينِ كنَّا بسفكِ الدَّمِ
أتتنا المصائبُ خلَّاقةً
تفتِّشُ عنْ زوجةٍ متئمِ
و صرنا نباعُ بسوقِ اللظى
بزيفِ الدَّوانقِ و الدِّرهمِ
فكيفَ سنصعدُ فوقَ اللظى
و نارُ الحقيقةِ في السُّلمِ
و كيفَ نعودُ إلى عالمٍ
كأمٍّ رؤومٍ بها نحتمي
تفيَّأتُ ظلَّكَ يا موطني
فكانتْ ظلالكَ منْ أعظمي
عبدالرزاق الأشقر

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق