قراءتي النقدية لوميض الأشقر
تسوية
استصرخوا الراعي؛ أغاثتهم الذئاب.
فضل الأشقر كاتب سوري ومّاض وعضو اتحاد كتاب سوريا الأحرار من مواليد عام١٩٧٠ تلبيسة لازال متجذرا في أرضه صامدا كصمودها شعاره الوحيد/الشهادة أو النصر/.
فارسٌ ركّابٌ وومّاض يتقن هندسة المساحات بكل تلك الفوضى التي توصلك حدّ الرعشة، كيمامةٍ ولودٍ تغسل مسارات الحرف ببياض الثلج الذي يملأ المدى جمالا خصيبا.
يبعثرك مابين سكنات الحروف وحركاتها مابين أسودها وأبيضها يستنفر فيك كل الخبز الذي أكلت والفكر الذي استحوذت
تسددُ حَذِراً وحدقتُكَ على الشعيرة لاصطياد مراده فتأتيك رسالته كصفعة لذيذة من الخلف.
هو ذا عالم الوميض يلقي بخيطه الأول عبر عتباته الأولى /عناوينه/ يمضي بك إلى عوالم أخرى محدداته كليمات معدودة و فضاءاته لاتزال فيها عناكب الرؤى تغزل مغازلها بسرعة البرق حتى لكأنك تشعر وأنك داخل سجن من الخيطان وبعدها يلقي إليك بالقفل ليفتح لك بوابات الجمال والمتعة ياله من سر غريب!! عندما يكون القفل هو المفتاح.
وميض رائع رغم مرارة مبعثه وخذلان مآله قام على ثنائتين كبيرتين هما /العدل_الظلم/ وما تخرج عنهما من غدر واستضعاف حمّلها الكاتب جناحي ومضته ببراعة وحرفيّة سرديّة عاليه استهلها بعتبة مطلقة راقية تحلق فوق الزمان والمكان كقيمة ملحة في زمن الظلم والعدوان غايتها التصحيح ونشر العدل المنكفئ أمام شراسة الظلم وأصحابه فالعنوان هنا كلمة /تسوية/ من سوّى الشيء جعله مستقيما وسوّى بين الرجلين ساوى بينهما وعدل، وهو مصدر نكرة فتح لنا بوابات متعددة لقراءات متنوعة وجاءت تاء التأنيث فيه لتفتح البوابة الأكبر لعالم الإنسان الواسع الرحب المتجدد والأنوثة تعني الأم التي توزع الحب عدلا متناهيا بين جميع أبنائها بذلك تحقق شمولية الرؤيا والمقولة رغم انطلاقها من المعنى الدبلوماسي لكلمة تسوية فالعنوان لم يأت متشظيا على جناحي الومضة بل أتى مرتبطا ارتباطا وثيقا ومقلوبا بالقفلة حيث أن الذئاب لا يمكن أن تكون ولا بأ ي حال من الأحوال رمزا للعطف أو العدل المطلوب في مثل هكذا تسوية.
متن صلب فيه من التكثيف والرمز ما يجعلك تستشعر الكل من خلال الجزء المحكي القصير فقد استطاع لكاتب باختياره الدقيق لهذا الفعل /استصرخ/ أن يختصر من خلاله ثلاثة أرباع المأساة بكل مافيها من ظلم اديولوجي متراكم وما تبعه من ويلات النزوح والتهجير القسري والاعتقال وذبح للأطفال وتدمير للممتلكات بما فيها تلك الحياة الهادئة على ضفاف الامل وما تلاه من نكسة الحلم الجمعي ليتبعها بكلمة الراعي وما أكثر الرعاة في زمن التفلت الأخلاقي الذي انحرف بمسار الثورة لأسباب عديدة بات يعلمها الجميع فكلمة الراعي استطاعت أن تحدد الملامح الأولى للمشهد المترهل واستحضرت مباشرة في ذهن المتلقي كلمتي القطيع والرعية كل حسب وجهة نظر المتعامل معها فالكاتب يراها رعية مباركة شرعية مظلومة والراعي القريب والراعي الغريب يراها قطيعا يجب الاستيلاء على كل من دره ولحمه وصوفه قبل الذبح هنا يكتمل المشهد للراعي والقطيع والأرض الجرداء التي لاماء فيها ولا كلأ.
ثم يمضي على جناح الومضة الثاني مستخدما الفعل أغاث والذي وإن اختلف لفظا مع الفعل استصرخ إلا أنه يحمل روحه الدلالية ولكن هذه المرة استجابة لا طلبا استجابة صارخة بغدرها واستغلالها وما تخرج عنها من مرارة وخيانة.
زمن انحدرت فيه القيم الإنسانية والأخلاقية وحتى الدينية، تكاثرت فيه اللهفة المذعورة، وماتت النخوة في رؤوس الرجال، وكأن لحم الخنزير أصبح الخبز اليومي لشرائح العالم وبكل دياناتهم لتأتي في النهاية قطعان الذئاب النهاشة كإفراز طبيعي لهكذا ترهل أخلاقي.
قفلة مباغتة تكسر خيال المتلقي الذي كان يجاري تسلسلا طبيعيا لهذه الملحمة الومضة محققا بذلك عنصر المفاجأة والدهشة الذي ولدته تلك الصفعة المخيبة لكل أمل.
فعلى الرغم من أنها ومضة وبريق ذهني سريع إلا أنها قالت الكثير والكثير كيف لا وكاتبنا لازال صامدا متجذرا بتلك الأرض تمر فوق وجوده كل الذي ذكرنا والذي لم نستطع ذكره.
ارتكزت الومضة وبشكل أساس على الفعلين الماضيين وما ألحق بهما من ضمائر خدمت وأوحت لعناصر غائبة ورغم اختلاف لفظي الفعلين إلا أن روح الدلالة كانت تجمع بينهما وقد كان الكاتب موفقا جدا باستخدام لفظة/استصرخ/.
جاءت لفظتي /الراعي_ الذئاب/ معرفتين وهذا خدم المراد من المعنى الدلالي حيث أن كل الأمور أصبحت مكشوفة وعلى عينك يا تاجر كما يقولون.
اعتمد على التصوير التشبيهي والمجاز المرسل والمقابلة والتورية فكان موفقا في فنيته رغم أن الإسقاطات كان مطروقة وكثيرأ إلا أن براعة الكاتب وجدية وضرورة الطرح أعطت الومضة قيمة جمالية رائعة.
حضر الطباق وبقوة في الومضة حيث كان مرتكزا أساسا من مرتكزات الجمال في الومضة/الراعي_الذئب/ كماخدم البعد الدلالي خدمة جمة.
وبذلك تكون الومضة قد حققت متطلبات الومضة الرائعة من عنوان ومتن وتكثيف ورمزية وقفلة مدهشة مفاجئة.
أرجو أن أكون قد لامست ولو يسيرا مما حملته هذه الومضة الراقية.
من نتاج الكاتب أيضا:
جشع
اختلفوا على السقيا؛ ردموا البئر.
تسوية
استصرخوا الراعي؛ أغاثتهم الذئاب.
فضل الأشقر كاتب سوري ومّاض وعضو اتحاد كتاب سوريا الأحرار من مواليد عام١٩٧٠ تلبيسة لازال متجذرا في أرضه صامدا كصمودها شعاره الوحيد/الشهادة أو النصر/.
فارسٌ ركّابٌ وومّاض يتقن هندسة المساحات بكل تلك الفوضى التي توصلك حدّ الرعشة، كيمامةٍ ولودٍ تغسل مسارات الحرف ببياض الثلج الذي يملأ المدى جمالا خصيبا.
يبعثرك مابين سكنات الحروف وحركاتها مابين أسودها وأبيضها يستنفر فيك كل الخبز الذي أكلت والفكر الذي استحوذت
تسددُ حَذِراً وحدقتُكَ على الشعيرة لاصطياد مراده فتأتيك رسالته كصفعة لذيذة من الخلف.
هو ذا عالم الوميض يلقي بخيطه الأول عبر عتباته الأولى /عناوينه/ يمضي بك إلى عوالم أخرى محدداته كليمات معدودة و فضاءاته لاتزال فيها عناكب الرؤى تغزل مغازلها بسرعة البرق حتى لكأنك تشعر وأنك داخل سجن من الخيطان وبعدها يلقي إليك بالقفل ليفتح لك بوابات الجمال والمتعة ياله من سر غريب!! عندما يكون القفل هو المفتاح.
وميض رائع رغم مرارة مبعثه وخذلان مآله قام على ثنائتين كبيرتين هما /العدل_الظلم/ وما تخرج عنهما من غدر واستضعاف حمّلها الكاتب جناحي ومضته ببراعة وحرفيّة سرديّة عاليه استهلها بعتبة مطلقة راقية تحلق فوق الزمان والمكان كقيمة ملحة في زمن الظلم والعدوان غايتها التصحيح ونشر العدل المنكفئ أمام شراسة الظلم وأصحابه فالعنوان هنا كلمة /تسوية/ من سوّى الشيء جعله مستقيما وسوّى بين الرجلين ساوى بينهما وعدل، وهو مصدر نكرة فتح لنا بوابات متعددة لقراءات متنوعة وجاءت تاء التأنيث فيه لتفتح البوابة الأكبر لعالم الإنسان الواسع الرحب المتجدد والأنوثة تعني الأم التي توزع الحب عدلا متناهيا بين جميع أبنائها بذلك تحقق شمولية الرؤيا والمقولة رغم انطلاقها من المعنى الدبلوماسي لكلمة تسوية فالعنوان لم يأت متشظيا على جناحي الومضة بل أتى مرتبطا ارتباطا وثيقا ومقلوبا بالقفلة حيث أن الذئاب لا يمكن أن تكون ولا بأ ي حال من الأحوال رمزا للعطف أو العدل المطلوب في مثل هكذا تسوية.
متن صلب فيه من التكثيف والرمز ما يجعلك تستشعر الكل من خلال الجزء المحكي القصير فقد استطاع لكاتب باختياره الدقيق لهذا الفعل /استصرخ/ أن يختصر من خلاله ثلاثة أرباع المأساة بكل مافيها من ظلم اديولوجي متراكم وما تبعه من ويلات النزوح والتهجير القسري والاعتقال وذبح للأطفال وتدمير للممتلكات بما فيها تلك الحياة الهادئة على ضفاف الامل وما تلاه من نكسة الحلم الجمعي ليتبعها بكلمة الراعي وما أكثر الرعاة في زمن التفلت الأخلاقي الذي انحرف بمسار الثورة لأسباب عديدة بات يعلمها الجميع فكلمة الراعي استطاعت أن تحدد الملامح الأولى للمشهد المترهل واستحضرت مباشرة في ذهن المتلقي كلمتي القطيع والرعية كل حسب وجهة نظر المتعامل معها فالكاتب يراها رعية مباركة شرعية مظلومة والراعي القريب والراعي الغريب يراها قطيعا يجب الاستيلاء على كل من دره ولحمه وصوفه قبل الذبح هنا يكتمل المشهد للراعي والقطيع والأرض الجرداء التي لاماء فيها ولا كلأ.
ثم يمضي على جناح الومضة الثاني مستخدما الفعل أغاث والذي وإن اختلف لفظا مع الفعل استصرخ إلا أنه يحمل روحه الدلالية ولكن هذه المرة استجابة لا طلبا استجابة صارخة بغدرها واستغلالها وما تخرج عنها من مرارة وخيانة.
زمن انحدرت فيه القيم الإنسانية والأخلاقية وحتى الدينية، تكاثرت فيه اللهفة المذعورة، وماتت النخوة في رؤوس الرجال، وكأن لحم الخنزير أصبح الخبز اليومي لشرائح العالم وبكل دياناتهم لتأتي في النهاية قطعان الذئاب النهاشة كإفراز طبيعي لهكذا ترهل أخلاقي.
قفلة مباغتة تكسر خيال المتلقي الذي كان يجاري تسلسلا طبيعيا لهذه الملحمة الومضة محققا بذلك عنصر المفاجأة والدهشة الذي ولدته تلك الصفعة المخيبة لكل أمل.
فعلى الرغم من أنها ومضة وبريق ذهني سريع إلا أنها قالت الكثير والكثير كيف لا وكاتبنا لازال صامدا متجذرا بتلك الأرض تمر فوق وجوده كل الذي ذكرنا والذي لم نستطع ذكره.
ارتكزت الومضة وبشكل أساس على الفعلين الماضيين وما ألحق بهما من ضمائر خدمت وأوحت لعناصر غائبة ورغم اختلاف لفظي الفعلين إلا أن روح الدلالة كانت تجمع بينهما وقد كان الكاتب موفقا جدا باستخدام لفظة/استصرخ/.
جاءت لفظتي /الراعي_ الذئاب/ معرفتين وهذا خدم المراد من المعنى الدلالي حيث أن كل الأمور أصبحت مكشوفة وعلى عينك يا تاجر كما يقولون.
اعتمد على التصوير التشبيهي والمجاز المرسل والمقابلة والتورية فكان موفقا في فنيته رغم أن الإسقاطات كان مطروقة وكثيرأ إلا أن براعة الكاتب وجدية وضرورة الطرح أعطت الومضة قيمة جمالية رائعة.
حضر الطباق وبقوة في الومضة حيث كان مرتكزا أساسا من مرتكزات الجمال في الومضة/الراعي_الذئب/ كماخدم البعد الدلالي خدمة جمة.
وبذلك تكون الومضة قد حققت متطلبات الومضة الرائعة من عنوان ومتن وتكثيف ورمزية وقفلة مدهشة مفاجئة.
أرجو أن أكون قد لامست ولو يسيرا مما حملته هذه الومضة الراقية.
من نتاج الكاتب أيضا:
جشع
اختلفوا على السقيا؛ ردموا البئر.
قاص
تحدبت سطور النقد؛ استقام إبداعه.
تحدبت سطور النقد؛ استقام إبداعه.
رجاء
تعثرت لقمة الفقير؛ اتكأت على أحلامه.
تعثرت لقمة الفقير؛ اتكأت على أحلامه.
محمد أحمد العزالدين
٥/٢/٢٠١٨
٥/٢/٢٠١٨
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق