الثلاثاء، 27 فبراير 2018

_ نزوةُ البحرِ الغريبْ _ بقلم الأستاذ/ وليد العايش

_ نزوةُ البحرِ الغريبْ _
________
كيفَ جِئتُ إلى هنا 
أيَ درب داستْهُ قدماي 
كيفَ احترقَ الوجعْ 
قبلَ أنْ أصلْ ...
لمْ أكُنْ أحلمُ بِأكثرَ منْ رغيفٍ
أو وردة حمراء ... تُنسيني
رُعْبَ الغريقْ ... ونزوة البحر المُمْيتْ
كيفَ جِئتُ إلى هنا
قالَ الغريبْ ...
الجدرانُ تَشتَعِلُ في نَزَقٍ
علَّها تتلمسُ خَطواتها الأولى
قبلَ انحدارِ العاصفةْ ...
وهاته الشمسُ ... التي كانتْ
موسيقاي اليتيمة ...
تتأرجحُ على جُثّةِ زَمنٍ بِلحيةٍ كثّة
بينما طارَ النورسُ المسكين
كما الثلوج عندما تأتي بلا موعدْ
قالَ الغريبْ ...
أينَ أنتِ يا أُمّاهُ في دربي
هلْ نَسيناكِ هُناكْ ... أمْ تُراكِ نسيتينا
سِنديانةُ بيتنا تأبى الانحناءْ
فكمْ قارعتْ في صريرِ العُمر
منْ قهرِ الشتاءْ ...
أينَ العابرونَ لذاكَ الدرب
المُعتّق بالرحيقْ ...
تركتُمْ كلّ ما لديَّ منْ ورقٍ
يخشى شهوةَ الغسقِ الضليلْ
قالَ الغريبْ ...
كيفَ حَطَّ الفجرُ خَطاياهُ
ثُمَّ انصرفْ ...بلا عودةْ
كما انصرفَ الناطِقونَ ... منْ مَنفاي
في سكونْ ... تركوا قهقرةَ العيونْ
تناسى مُعانقة النَدى ... أو تَناساهْ
هلْ أرهبَهُ الردى ... فانصرفْ ...
قالَ الغريبْ ...
شتى الأمنيات جاءتْ مَعي
جُعبتي ملآى بِحُفنةٍ
منْ أقلامِ حربِ الأربعينْ
صليلُ سيوف داحسَ لا تزلْ مَسنونةً
على أروقةِ جَسدٍ ... لمْ يُسجّى
والغبراءُ تبتسِمُ ... اِبتسامةَ آلاف الغابرينْ
وربّما أشلاء الشامتينْ
يبحثُ في الأزِقّةْ ...
عنْ صهيلٍ خانَهُ المطرُ في لحظةٍ
مَرميَّةٍ على قارعةِ الألمْ
غادرَ الفُرسانُ كوكبةَ الحريقْ
قالَ الغريبْ ...
قَهْقَه القمرُ في قُمْقُمٍ
قبلَ أنْ أصلْ ... وقبلَ أنْ يُجيبْ
قالَ الغريبْ ...
لا تُثملي الكأسَ يا أماه
فإنَّ نشيدي مازالَ صغيراً هُناكْ
وبراعمُ روحي ... لم تَنْبُت بعدْ
اشتياقي يؤرقُ شَوقي
ذِكرى صديقي
تفوزُ بِكأسٍ منْ نبيذْ
قالَ الغريبْ
الصمتُ ما عادَ ينفعُ
بِحلولِ ظلامِ الراحلينْ
وعِتْمةُ روحي تحتسي
نارَ جليدي ... وناري
فأيُّ مصير يحنُّ عليّ
وأيُّ دُروب تَدُلني لِمَقْهى الهاويةْ
تلكَ التي كانتْ
على طرفِ زقاقْ
عندما تُحدثيني
لا تقولي بِأنّي صغير ...
كعصفور شارد منْ عُشِّ الغُزاةْ
دَعْيهِ يقولُ مالا يُقالُ ... مِنْ الكلامْ
قالَ الغريبْ ...
وجنتاي بحرّ لُجيُّ الخُطا
يُداعِبُ زوارقَ الألفَ رِحلة ... ورحلةْ
هلْ أتاكِ حديثاً لا يُشبِهُ إلاَّ أنا
أمْ زاركِ طيفٌ أشعثٌ
كما شَعري الضريرْ ...
قصيرٌ دربي إليكِ ... قصيرْ
فَ كَفْكِفي دموعكِ عني
ثُمَّ جَهّزي عشائي الأخيرْ
أُماهُ ... سِئمتُ حكايا كوانين الشتاءْ
ورواياتُ زيرنا الذي
لمْ يسْقُطَ بالجُبِّ ... طِوالَ حربٍ
وأسْقَطَتْهُ ناقةٌ صَفراءْ ...
لمْ تَعدْ تُغريني النجومْ
ولا ذاكَ الهِلالْ ...
فإنَّ اليقين يقولُ ... بِأنَّ المُحالُ ...
سيبقى مُحالٌ ... محُالْ ...
قالَ الغريبْ ...
_______
وليد.ع.العايش
14/2/2018م


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق