السبت، 8 أبريل 2017

العنف ضد المرأة (21) بقلم الأستاذ / حرب شاهين

العنف ضد المرأة
(21)
حجة البعض على المرأة
تعدد الزوجات
 تنتشر ظاهرة تعدد الزوجات في مجتمعنا العربي والاسلامي، ويكاد التعدد يصبح القاعدة، وعدم التعدد هو الاستثناء، واذا ما ناقشت أياً من دعاة التعدد سرعان ما ردّ عليك بثقة وقوة قائلاً : شرع الله، أتريد أن تحرم ما أحلّ الله، ويبرر الكثيرون من رواد التعدد، أنه يتمتع بطاقة قوية ، فهو يحتاج لأكثر من امرأة واحدة ليشبع رغبته.
 فهل حقاً أن الله سبحانه وتعالى أباح التعدد بدون ضوابط أو قيود، فأصبح التعدد يخضع لمزاج الرجل وإشباع شهوته.
 فالذين يتشبثون بالتعدد من منظور قرآني، هم الأكثر خروجاً عمّا اراده القرآن الكريم، وأن اقتطاع جزء من القرآن الكريم ليدعم رأيهم، هو تفسير القرآن لما لا يريده القرآن.
يقول جلّ وعلا:
 (وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ذَلِكَ أَدْنَى أَلَّا تَعُولُوا) (3) سورة النساء
 معنى ذلك: وإن خفتم، يا معشر أولياء اليتامى، أن لا تقسطوا في صداقهن فتعدلوا فيه، وتبلغوا بصداقهنَّ صدقات أمثالهنّ، فلا تنكحوهن، ولكن انكحوا غيرَهن من الغرائب اللواتي أحلّهن الله لكم وطيبهن، من واحدة إلى أربع، وإن خفتم أن تجوروا، إذا نكحتم من الغرائب أكثر من واحدة، فلا تعدلوا، فانكحوا منهن واحدة.
 عن عكرمة قال: كان الرجل يتزوج الأربع والخمس والستَّ والعشر، فيقول الرجل:"ما يمنعني أن أتزوج كما تزوج فلان"؟ فيأخذ مال يتيمه فيتزوج به، فنهوا أن يتزوجوا فوق الأربع.
 وكان القوم يتحوّبون في أموال اليتامى أن لا يعدلوا فيها، ولا يتحوبون في النساء أن لا يعدِلوا فيهن، فقيل لهم: كما خفتم إن لا تعدلوا في اليتامى، فكذلك فخافوا في النساء أن لا تعدلوا فيهن، ولا تنكحوا منهن إلا من واحدة إلى الأربع، ولا تزيدوا على ذلك. وإن خفتم أن لا تعدلوا أيضاً في الزيادة على الواحدة، فلا تنكحوا إلا ما لا تخافون أن تجوروا فيهن من واحدة.
عن سعيد بن جبير قال: فكما خفتم أن لا تقسطوا في اليتامى، فكذلك فخافوا أن لا تقسطوا في النساء.
عن السدي: إن خفت أن لا تعدل في أربع فثلاث، وإلا فاثنتين، وإلا فواحدة.
عن الضحاك، قوله: “فإن خفتم ألا تعدلوا"، قال: في المجامعة والحب.
القول في تأويل قوله : { ذَلِكَ أَدْنَى أَلا تَعُولُوا (3) }
عن الحسن:"ذلك أدنى ألا تعولوا"، قال: العوْل الميل في النساء.
وبعد ذلك، أكد القر آن الكريم  بشكل قاطع، استحالة العدل بين النساء، فقل جلّ جلاله:
(وَلَنْ تَسْتَطِيعُوا أَنْ تَعْدِلُوا بَيْنَ النِّسَاءِ وَلَوْ حَرَصْتُمْ فَلَا تَمِيلُوا كُلَّ الْمَيْلِ فَتَذَرُوهَا كَالْمُعَلَّقَةِ وَإِنْ تُصْلِحُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُورًا رَحِيمًا) (النساء: 129)
قال أبو جعفر الطبري ( رحمه الله): يعني جل ثناؤه بقوله:"ولن تستطيعوا أن تعدلوا بين النساء"، لن تطيقوا، أيها الرجال، أن تسوُّوا بين نسائكم وأزواجكم في حُبِّهن بقلوبكم حتى تعدِلوا بينهنّ في ذلك، فلا يكون في قلوبكم لبعضهن من المحبة إلا مثلُ ما لصواحبها، لأن ذلك مما لا تملكونه، وليس إليكم،"ولو حرصتم"، يقول: ولو حرصتم في تسويتكم بينهن في ذلك.
عن مجاهد في قوله:"ولن تستطيعوا أن تعدلوا بين النساء ولو حرصتم"، قال: واجبٌ، أن لا تستطيعوا العدل بينهن.
"فلا تميلوا كلَّ الميل"، يقول: فلا تميلوا بأهوائكم إلى من لم تملكوا محبته منهن كلَّ الميل، حتى يحملكم ذلك على أن تجوروا على صواحبها في ترك أداء الواجب لهن عليكم: في القسم لهن، والنفقة عليهن، والعشرة بالمعروف .
"فتذروها كالمعلقة" يقول: فتذروا التي هي سوى التي ملتم بأهوائكم إليها="كالمعلقة"، يعني: كالتي لا هي ذات زوج، ولا هي أيِّمٌ.
عن ابن عباس:"ولن تستطيعوا أن تعدلوا بين النساء ولو حرصتم"، يقول: لا تستطيع أن تعدل بالشهوة فيما بينهن ولو حرصت.
عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من كانت له امرأتان يَميل مع إحداهما على الأخرى، جاء يوم القيامة أحدُ شِقَّيه ساقط.
نستنتج مما تقدم أن إباحة التعدد تتوقف على العدل بين النساء، واذا انتفى العدل انتفى التعدد، وأما الذين يجمعون ثلاث أو أربع نساء ، بحجة أن عنده طاقة قوية، يحتاج لأكثر من امرأة لإشباع شهوته، فهو بالتأكيد خالٍ من التفكير، عديم الضمير، قاسي القلب. ناهيك عن الاضرار الاجتماعية والنفسية التي يسببها لأبنائه وللمجتمع. ( يتبع...).

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق