الخميس، 29 ديسمبر 2016

أما آن لنا أن نعي ما يدور حولنا؟ .. بقلم الأستاذ / حرب شاهين

أما آن لنا أن نعي ما يدور حولنا؟
منذ أواخر القرن التاسع عشر ونحن في دائرة الاستهداف  والتقسيم والتشرذم والاستعمار، والاستعمار يبطش بنا ويقتطع ما شاء له أن يقتطع من أراضينا، ويقتل ما شاء له أن يقتل من مواطنينا، ويستغل ما شاء له أن يستغل من خيراتنا، ونحن نلعن الاستعمار واليهود والصهيونية العالمية، وجبهة الأعداء تزداد وتنمو وتكبر ونحن والله نراهن على وعد من ذلك المستعمر، ولم نجن سوى احتلال فلسطين وضياع الوطن العربي وتفتيت الوطن الواحد، إمارات ومحميات وسوبر ماركت وبقاليات، وأقامت الحدود فيما بينها، ولطالما اندلعت المعارك ونشبت الحروب بين الإخوة، وأصبحت علاقات التنسيق والتحالف بين كلنا وبعضنا مع أعدائنا أمتن وأصدق من علاقات دولنا وشعوبنا مع بعضها البعض.
 وبالرغم من تحذير عدد من المفكرين والمقاتلين والأدباء إلى الأخطار التي تحيط بنا من كل جانب، فقد كان حالنا، حال من أسمعت لو ناديت حياً ولكن لا حياة لمن تنادي، وكما قيل :
تنبهوا واستفيقوا أيها العرب فقد طمى السيل حتى غاصت الركب
وكما قيل أيضاً: 
أمتي هل لك بين الأمم منبر للسيف أو للقلم 
حتى قيل 
رب وا معتصماه انطلقت ملء أفواه الصبايا اليتم 
لامست أسماعهم ولكنها لم تلامس نخوة المعتصم 
وطبعاً لم نتنبه ولم نستفق، ولم نسمع صرخات الصبايا اليتم.
 وبعد أن ارتكب اليهود المجازر الكثيرة بحق، ليس الفلسطينيين وحسب، بل بالعرب في أقطار شتى، واحتلال المزيد من الأراضي، وقف رئيس المجلس الوطني الفلسطيني الشيخ عبد الحميد السائح، ليقول لنا: 
اليهود أبناء عمنا!
أتساءل كيف توصل إلى هذا الاكتشاف الغريب العجيب، ومن قال له ذلك؟
 ومن ثمّ ألقى قادة الفصائل الفلسطينية البنادق، وذهبوا زرافات ووحدانا وقالوا انهينا الصراع مع العدو، وكان اتفاق أوسلو المشؤوم وما نجم عنه من تنازل عن فلسطين كل فلسطين، وجاءوا بأجهزة أمنية أصبحت اشد خطراً على الفلسطينيين من أجهزة العدو نفسه.
 تحالف العرب ضد بعضهم البعض، وانخرطوا في جبهات يدمر بعضهم البعض حتى احتل الفرس العراق وسوريا وسيطروا على لبنان، وما زال اليمن يحترق، كل هذا يجري وهم يلهثون وراء تصريح لوزير من الشرق أو من الغرب، أو يتهافتون على مجلس الأمن، وكثر القتل وتوالت المجازر، وما زلنا نراهن على هذه المنظمة أو تلك، والحبل على الجرار...
 والمحزن المبكي، أنه لطالما تداعى علماء المسلمين من الشرق والغرب، في مؤتمرات متتالية، تحت شعار الوحدة الإسلامية بين السنة والشيعة، والتقريب بين المذاهب.
 والغريب العجيب أن هؤلاء العلماء الأفاضل كانوا قد تحاوروا مع الشيعة على أنهم مسلمون، وأتساءل: 
- هل من يدعي تحريف القرآن الكريم مسلم؟
- هل من يطعن برسول الله صلى الله عليه وسلّم وزوجته رضي الله عنهن مسلمون؟
- هل من يطعن بالرعيل الأول من ؟أصحاب رسول الله مسلمون؟
- هل من يحالف اليهود مسلم؟
- هل من يحرق بلاد العرب والمسلمين ويحتلها ويستوطنها مسلم؟
وهل... وهل... وهل... وهل...؟
 هل من يقتل المواطنين الآمنين ويعيث في الأرض فساداً مسلم، هل التنظيمات والأحزاب التي لا تدافع عن الأمة مسلمة؟
 وإن كان هذا الحال، حال من يدعون تمثيل الإسلام وادعائهم بأنهم ظل الله في الأرض، فما حال اليساريين والقوميين والخبراء الاستراتيجيين والمحللين والمفكرين؟
 منذ القرن التاسع عشر وحتى اليوم وغداً وبعد غد، كانت هذه الشريحة هي السبب المباشر الذي ساهم وأسس لهذا الواقع الذي نعيشه، وذلك بتضليلهم للجماهير العربية ولعدم فهم التاريخ والجغرافيا كما هما، ولعدم قراءة الفكر التوراتي والفكر الشيعي وفهمها الفهم الصحيح، ثم إدارة الصراع من خلال هذا الفهم.
 ولطالما عدت هذه الشريحة أن الفكر الإسلامي فكر متخلف ولا يمكن أن يضع الحلول لمشاكلنا، فتركوه للجهلة والمتخلفين والمتزمتين ليفسروه حسب رغباتهم وأهوائهم، فكانت الطامة الكبرى.
 لقد آن الأوان لأن يدرك كل مواطن عربي ومسلم بأنه مستهدف، وأن أرضه ومستقبله وكل ما يخصه مستباح، فما عليه إلا أن يدافع عن نفسه، بفهم الواقع كما يراه من مصلحته وحماية نفسه وأمته من الأخطار المحدقة به، وما عليه إلا أن يقرأ ويقرأ ويقرأ، فالفكر السليم النابع من واقعه أهم بكثير واقوي بكثير من كل أنواع الأسلحة .



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق