الاثنين، 20 أغسطس 2018

إلى نـاقـــد .. للشاعر الأستاذ/ حسن منصور

إلى نـاقـــد
========—————— الشاعر حسن منصور
**************
لَسْتَ الّذي يَسْــتحِقُّ الْهَجْــوَ من قَلَـمي || ولا الّذي يَستحـقّ الْحَـرفَ مِن كَلِـمي
نـزّهْــتُ نفْـسِيَ عــن قـــوْلٍ يُـلــوِّثُــها || وصُنـتُها عَــــفَــّةً مَـحْــمـودةَ الشِّــيَـم
وصُـنْـتُ عِرضَـكَ لا شــتْـمٌ يُـرادُ بِه || لأنـّــني حــافِــــظٌ لـلـحَــــقِّ والْحُــــرَمِ
لكنْ سأُصْليكَ نارَ الْحقِّ تَصْلِـيَةً || فاصْبِرْ على الرَّحْبِ أوْ فاصْبرْ عَلى الـرُّغُمِ
أهْجوكَ؟ لا! كيفَ أهْجو مُفلِساً كَسَدتْ || بَـضـائــعُ يَقْــتَـنــيـهـا قُــنْـيـةَ الـعَــدَمِ!
أهْــجـوكَ؟ لا ! إنّـما آسى عــلى لُغــةٍ || ظَـلَـمْـتَها أنتَ تَحْـكي غـيْرَ ذي رَحِـم
*********
أرْثي لِحــالِـكَ إذْ فـكّـرْتَ نـفْـسَــكَ في || عِـلْـمٍ، وأنتَ لـدى نورِ العُــلـومِ عَـــمِ
تـظـنُّ نـفـسَـكَ أســتـاذاً بـلا جَـــــــدَلٍ || وصـادِقٌ أنتَ في ذا غــيْرُ مُــتَّـــهـَــمِ:
فـأنـتَ أســتـاذُ جَـمْـعٍ غــيـرُ مُـبْـتَــدعٍ || نثراً، ولا لـكَ في الْمَـنـظـومِ مـن أَمَـم
وتَحْـسَـبُ النّـقـدَ جَـمْعـاً أنتَ جـامـعُـهُ || جَـمْعَ الفـقـيـرِ لِـمَـرْذولٍ مـن الطُّـعَــم
ملأتَ كَـشْكولَـكَ البـالِي بِغــيرِ هُــدىً || فــلا بِـشَـمٍّ تَـمــيزُ الـشّـــهــدَ أو بِـفَـــم
أرْثي لـذَوْقـــكَ لا تَسـمـو مَـــدارِكـــهُ || والـذّوقُ (لو كنتَ تدْري) أعْظمُ النِّعَـم
أرْثي لـنَـقْــدكَ جَــــوّالاً بــلا هَــــدفٍ || كَغــيْـمَـةِ الصّيـفِ تَخْلو منْ سَخا الدِّيَم
مُـهَـــوِّمٌ في سَــماءٍ لـسْـتَ تَـبْـلُــغُـهــا || يوماً، ولا خـطَـرَتْ بالْـبـالِ في الْحُـلُم
شِــهـابُهــا رَصَــدٌ فـي كـلِّ نـاحِــــيـةٍ || فاحْــذرْ عــواقِــبَه واحْــذرْ مـنَ الـنِّـقَم
فـيها نُجــومُ ضِــياءٍ لـيسَ يَطْـمِــسُهـا || لغـوٌ، ولا هـــزَّهــا خَـفّـاشَــةُ الـظُّــلَـم
**********
نَقــدْتَ، ويْحَــكَ، دُرّاً لَـسْـتَ تعــرِفُـه || شــكْلاً، ولا رُمْــتَـه يـوْمــاً كَـمُـسْـتَـلِم
عَـشـيـتَ إذْ لَـمَــعـتْ حــبّـاتُه شُــهُــباً || فَحِــرْتَ حَــيْرةَ ضَــبٍّ فـاقـدِ الـرُّسُـم
وسِـرْتَ تَخـبُـطُ لا تـدْري لأيِّ مَــدىً || يَـسيرُ خـطْـوُكَ غــيْرُ الـثّـابتِ الْقَـــدَم
يا أيُّهاــ الـنّاقــدُ الْمَـنْـقــودُ مَـنْـطِــقُــه || تُـطاوِلُ النّـجــمَ، لكـنْ كــنتَ كالـقَـــزَم
شرَّحْتَ شِعْري بِموسى كَـلَّةٍ رجَـعَـتْ || مَـكســورةً في يَــدٍ مَـخْــضــوبَـةٍ بِــدَم
إذ تَحْـسَـبُ الشعـرَ ألفـاظاً مُـنَـمَّـــقــةً || تَخْـلو مـنَ الفـكْـرِ أو تَخْـلـو من الْحِِـكَم
تـريدُ أبْـنِــيَـــةً ألْـفـاظُــهـا صُـنِـعَــتْ || جَــمـيـلـةً كالــدُّمى أوْ هـــيْـئـةِ الـصَّـنم
والشعــرُ تعـبـيرُ حَــيٍّ عنْ مشاعِـرهِ || والشعـرُ مَجْـلى الأَسى أوْ مَـبْعَثُ الْهِمَم
نبْـعٌ يَفــيـضُ من الـوجْـدانِ مُـنْطَـلـقاً || يَنْسابُ كالـنّـورِ، أوْ كالـلّـحْـنِ والنَّـغَـــم
هــو الْـحَـياةُ بِـمــا فِــيـهـا بلا كَـــذبٍ || فــيـه السُّـرورُ وفــيه غُـــصّـةُ الأَلــــَمِ
**********
شـعْـري سَيـبْـقى عـلى الأيّامِ تعْـرفُـهُ || ويعـرفُ الْحـقَّ أهْــلُ الـعـدْلِ والـذِّمَــم
أمّــا انْـتِــقــــادُكَ فــالأَرْيـاحُ تـأْخــذُه || تَذْروهُ كالْعــصْفِ، كالباقي منَ الـرِّمِـم
أقْـصِرْ فَـما كنْتَ ذا حِـسٍّ ولا حَكـمـاً || أُفٍّ لِــذا الْحِــسِّ، بلْ أفٍّ لِـذا الْـحَــكَـم
لوِ اقــتَصرْتَ على جَـمْعِ العـلـومِ لَما || عـرّضْـتَ نفـْسكَ لـلـتّـشْكـيـكِ والتُّـهَــم
أقْـصِرْ فـإنّـكَ قد أخْــفـقْـتَ مُـنْـتَـقِــداً || وعُــدْتَ بِالْخَــيْــبـةِ السّـــوداءِ والـنَّــدَم
أردْتَ أن تَـرْتَـقي لـكــنْ لَجَــأْتَ إلَى || أكْــتافِ غـيْرِكَ، فِـعْـلَ العـاجِـزِ الْهَـرِم
ومـا الــرُّقيُّ سوى حِــسٍّ ومَـوْهـبـةٍ || تَفــتّحــتْ في مَـجـالِي الفِــكرِ والـقِــيَـم
ولا يَصِحُّ سوى الْمَـعـقـولِ منكَ فلا || تأنَـفْ من الْحَـقِّ أوْ تأسَـفْ عـلى وَهَــم 
الشاعر حسن منصور
من المجموعة الخامسة، ديوان (لمن أغني) ط2 دار أمواج – عمّان 2014م (ص51)

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق