السبت، 25 أغسطس 2018

الغزو الفكري (2) للأستاذ الكبير/ حرب شاهين

الغزو الفكري
هو من أوصل الأمتين العربية والاسلامية الى ما هما به من تخلف وهوان
ومع أن القرآن الكريم، كان قد نبهنا الى خطورة الغزو الفكري، وأنه علينا اللجوء للقراءة والتفكر والتدبر، وألا نتقبل أي فكر أو علم لا ينسجم مع ما يتناسب ومصالحا وتقدمنا، فإننا أغفلنا ما أمرنا به قرآننا ولجأنا ال تبني أفكار دخيلة لم تحمل في طياتها سوى تشتتنا وتدميرنا والسيطرة على اوطاننا.
لقد اجتهد الكثير من العلماء والباحثين والفلاسفة لإيجاد تعريف مناسب ومحدد للعلم عبر العصور، فكثُرت الآراء وتعددت الأقوال وتفاوتت وجهات النظر، فمنهم من أصاب ومنهم من أخطأ، لكن هناك حقيقة مسلَّمة تفرض نفسها من خلال التبصر والتدبر والإدراك لحقيقة هذا الكون ومكنوناته، بدقة نظامه والقوانين التي تحكمه أن : العلم هو قوانين الله سبحانه وتعالى الكونية.
ومما لا ريب فيه، أن كل حرف، وكل كلمة، وكل آية، وكل سورة وردت في القرآن الكريم تعد من الكلم المعجز، ولها مفهومها ودلالتها مبنىً ومعنىً خاص بها، وقد جاءت هذه السور والآيات المعجزة لتبين للناس حكماً خاصاً، أو تشريعاً معيناً، أو مسألة ما تعبر عن نهج وأداءٍ مُحكم، سواءً كانت خاصة بالعقيدة أو العبادات أو المعاملات أو غيرها...
ولا ريب أن القرآن الكريم وحدة متكاملة من الإعجاز العلمي والبياني والبلاغي لا يستطيع لأي إنسان على سطح هذا الكوكب ـ مهما حصَّل من العلم والفكر الواسع ـ أن يأتي بآية منه قُلْ لَئِنْ اجْتَمَعَتْ الإِنسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآنِ لا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيراً (الإسراء:88)، ولمّا كان على المؤمن بالقرآن أن يتدبر معانيه بحروفه: الحلال والحرام، والمُحكم والمتشابه، بشير ونذير، قصة، عظة، مثل، أي المقصود هنا التزامه التام بأمر الله ونهيه، متمسكاً بالثوابت من توجيهات وإرشادات، تعصمه بأمر الله من المعاصي والموبقات مظهراً وجوهراً.
إذاً لا عجب، أن تكون كلمة «اقرأ» أول كلمة وحيٍ نزلت في القرآن الكريم، بل إن القراءة، بما تعنيه من علم وتأمل وتدبر وتفكير وفهم ومعرفة، هي المفتاح الحقيقي الثابت والمرشد الصادق والبرهان الساطع للإيمان الحقيقي، الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، مصداقاً لقوله تعالى: اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ  خَلَقَ الإِنسَانَ مِنْ عَلَقٍ اقْرَأْ وَرَبُّكَ الأَكْرَمُ الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ  عَلَّمَ الإِنسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ  (العلق:1-5)..
إذاً، إن ابتداء القرآن الكريم ب (اقرأ) ثم كانت السورة الثانية  ن وَالْقَلَمِ وَمَا يَسْطُرُونَ  ما هو إلا توجيه إلهي لأهمية العلم، وكأن العلم بكل مفرداته من حيث القراءة والكتابة والقلم والتسطير، ما هو إلا الأساس الثابت الراسخ للإيمان بالله ، والطريق السوي الذي به ومن خلاله نعيش سعداء في الدنيا والآخرة، فعلى كل من يؤمن بالله واليوم الآخر أن يلتزم التزاماً ثابتاً بما أمرنا الله به، لنكون خير أمة أخرجت للناس.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق