السبت، 26 مايو 2018

حقّ الردّ أقصوصة بقلم/ الروائي الأستاذ محمد فتحي المقداد

حقّ الردّ
أقصوصة
بقلم/ محمد فتحي المقداد
لصٌّ متوحّشٌ اخترق حُرمة باب الحارة مرّات عديدة، تداعى شيخ باب الحارة (العقيد) والأعضاء لاجتماع طارئ، طال اجتماعهم وقد واصلوا الليل بالنهار، توالت الاجتماعات على مدار الأيّام اللّاحقة، وهم يتدارسون الآمر، ولم يستطيعوا الخروج من المأزق باتخاذ قرار بالإجماع.
على غير العادة وفي اليوم السابع دخل القهوجيّ بلا استئذان عليهم المجلس، وهمس في أذن العقيد الذي ابتسم وهزّ رأسه، وراح يهرش فروة رأسه، ويمطّ شفتيّه للأمام، وحاجباه يرتفعان فوق عينيْه المْبحلقتيْن على اتّساعهما، ثم ضرب بيده على الطاولة، انتبه الجميع من غفلتهم، وبصوته الجهوريّ ونبرة واثقة، قال:
- "أيها الأخوة، يا أبناء حارتي، أهل باب الحارة بانتظار رأيكم، ليس من المهمّ أن نردّ، لكن الأهمّ حسبما أرى، أن نحتفظ بحقّ الردّ".
- أبو قاعود عضو المجلس، غاضب مُستنكر القرار:
"إنّها فرصتنا، فإذا لم نستطع الردّ الآن، متى سنردّ؟.".
- العقيد بصوت الواثق:
"ألا تثقون برأيي؟، -مقاطعة تصفيق حادّ وهتاف مؤيد- من المؤكّد أنّنا سنردّ، ولكننا ننتظر الزمان المناسب والمكان المناسب".
تصفيق مستمرّ بالإجماع، والفرح طافح على الوجوه، وهتافات ودعوات بحياة العقيد.
ثم فطنوا لتفتيل شواربهم من جديد. العقيد وعلى مدار سبعة أيّام يعيش بنشوة عارمة، وهو يستمع لهتافات مسيرات التأييد، وبين الفينة والأخرى يخرج لشرفة منزله لتحية الجماهير، مُلوّحًا لهم بيديه.
في اليوم التالي، استفاق الناس على أمر غير معهود، عندما شاهدوا جثّة (أبو قاعود) مرمية أمام بوابة الحارة، ورأسه معلّق أعلى البوابة.
خرج العبيد عن صمته، وارتجل خطبة عصماء ختمها:
"سنحتفظ بحقّ الردّ".
عمّان / الأردن
25 – 5 - 2018

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق