موسوعة شعراء العربية
المجلد التاسع- الجزء الثاني
شعراء العصرالحديث
المجلد التاسع- الجزء الثاني
شعراء العصرالحديث
بقلم د فالح الكيلاني
(الشاعر محمد الماغوط )
هو محمد بن أحمد بن عيسى الماغوط السلمي
ولد بناحية ( سلمية) من اعمال محافظة (حماة) السورية في الثاني عشر من شهر كانون الاول ( ديسمبر ) سنة \ 1934 ونال تعليمه الاولي في ( السلمية) ، نشأ في عائلة شديدة الفقر مدقعة وكان أبوه فلاحاً بسيطاً يعمل أجيرًا في أراضي الآخرين طوال حياته . درس شاعرنا بادئ الأمر في الكتّاب ثم انتسب إلى المدرسة الزراعيــة في ( سلمية) حيث أتم فيها دراسته الإعدادية، انتقل بعدها إلى دمشق ليدرس في الثانوية الزراعية في (ثانوية خرابو) ،ب(الغوطة ) بدمشق يذكر أن والده أرسل رسالة إلى الثانوية يطلب بها الرأفة بابنه الطالب فيها فقامت ادارة الثانوية الزراعية بتعليقها على أحد جدران المدرسة مما جعل زملائه الطلاب يسخرون منه واصبح أضحوكة بين زملائه الطلبة ؛ الأمر الذي دفعه إلى الهرب من المدرسة والعودة إلى (سلمية ) .
كانت (سلمية ودمشق وبيروت) محطات أساسية في حياة الماغوط وإبداعه، وعمل في الصحافة اذ كان من المؤسسين لصحيفة ( تشرين ) الدمشقية ثم عمل الماغوط رئيساً لتحرير مجلة (الشرطة )
احترف الأدب السياسي الساخر فنظم الشعر وامتاز في القصيدة النثرية ويعتبر واحدًا من روادها، وله دواوين شعرية عديدة وكتب العديد من المسرحيات الناقدة التي لعبت دوراً كبيراً في تطوير المسرح السياسي في الوطن العربي، كما كتب الرواية ومن جميل شعره هذه السطور:
ولد بناحية ( سلمية) من اعمال محافظة (حماة) السورية في الثاني عشر من شهر كانون الاول ( ديسمبر ) سنة \ 1934 ونال تعليمه الاولي في ( السلمية) ، نشأ في عائلة شديدة الفقر مدقعة وكان أبوه فلاحاً بسيطاً يعمل أجيرًا في أراضي الآخرين طوال حياته . درس شاعرنا بادئ الأمر في الكتّاب ثم انتسب إلى المدرسة الزراعيــة في ( سلمية) حيث أتم فيها دراسته الإعدادية، انتقل بعدها إلى دمشق ليدرس في الثانوية الزراعية في (ثانوية خرابو) ،ب(الغوطة ) بدمشق يذكر أن والده أرسل رسالة إلى الثانوية يطلب بها الرأفة بابنه الطالب فيها فقامت ادارة الثانوية الزراعية بتعليقها على أحد جدران المدرسة مما جعل زملائه الطلاب يسخرون منه واصبح أضحوكة بين زملائه الطلبة ؛ الأمر الذي دفعه إلى الهرب من المدرسة والعودة إلى (سلمية ) .
كانت (سلمية ودمشق وبيروت) محطات أساسية في حياة الماغوط وإبداعه، وعمل في الصحافة اذ كان من المؤسسين لصحيفة ( تشرين ) الدمشقية ثم عمل الماغوط رئيساً لتحرير مجلة (الشرطة )
احترف الأدب السياسي الساخر فنظم الشعر وامتاز في القصيدة النثرية ويعتبر واحدًا من روادها، وله دواوين شعرية عديدة وكتب العديد من المسرحيات الناقدة التي لعبت دوراً كبيراً في تطوير المسرح السياسي في الوطن العربي، كما كتب الرواية ومن جميل شعره هذه السطور:
كان بيتنا غاية في الاصفرار
يموتُ فيه المساء
ينام على أنين القطارات البعيده
وفي وسطه
تنوح أشجارُ الرمَّان المظلمةُ العاريه
تتكسَّر ولا تنتج أزهاراً في الربيع
حتى العصافير الحنونه
لا تغرد على شبابيكنا
ولا تقفز في باحة الدار
وكنت أحبكِ يا ليلى
أكثر من الله والشوارع الطويلة
يموتُ فيه المساء
ينام على أنين القطارات البعيده
وفي وسطه
تنوح أشجارُ الرمَّان المظلمةُ العاريه
تتكسَّر ولا تنتج أزهاراً في الربيع
حتى العصافير الحنونه
لا تغرد على شبابيكنا
ولا تقفز في باحة الدار
وكنت أحبكِ يا ليلى
أكثر من الله والشوارع الطويلة
دخل الماغوط في بداية الخمسينات بعد عودته إلى السلمية في ( الحزب السوري القومي الاجتماعي ) من دون الاطلاع على مبادئه واهدافه وكان في تلك الفترة في ( السلمية ) حزبان كبيران هما: ( الحزب السوري القوي الاجتماعي ) و( حزب البعث العربي الاشتراكي ) وهو يذكر أن ( حزب البعث) كان في حارة بعيدة عن سكنه في حين كان (الحزب القومي ) بجانب بيته وفيه مدفأة أغرته بالدفئ فدخل إليه وانضم إلى صفوفه، الاانه لم يدم انتماؤه الحزبي طويلاً فقد سحب عضويته منه في ستينات القرن الماضي بعد أن سجن ولوحق بسبب انتمائه اليه .
عمل الماغوط فلاحاً وبدأت بوادر موهبته الشعرية بالتفتح فنشر قصيدة بعنوان ( غادة يافا ) في مجلة( الآداب ) البيروتية. ثم دخل الماغوط بالخدمة العسكرية في الجيش وكتب أوائل قصائده النثرية قصيدة بعنوان (لاجئة بين الرمال) التي نُشِرَت في مجلة ( الجندي) وكان ينشر في هذه المجلة الشعراء ادونيس وسليمان العواد وخالدة سعيد ، وبعد إنهاء خدمته العسكرية استقر الماغوط في (السلمية )
في 22نيسان ( ابريل) 1955 اغتيل عدنان المالكي فكان لاغتياله اثر مهم في حياة الماغوط حيث اتهم بقتله اعضاء الحزب السوري القومي الاجتماعي فسجن اغلب اعضائه ومنهم محمد الماغوط في ( سجن المزة ) وخلف قضبان السجن بدأت حياة الماغوط الأدبية الحقيقية، حيث تعرف أثناء سجنه على الشاعر علي أحمد سعيد إسبر الملقب ب (أدونيس) الذي كان في الزنزانة المجاورة لزنزانته.
وخلال فترة الوحدة العربية التي تمت بين( سوريا ومصر ) كان الماغوط مطلوباً في ( دمشق)، فقرر الهرب إلى( بيروت )في أواخر الخمسينات، ودخل ( لبنان) بطريقة غير شرعية سيراً على الأقدام، وهناك انضمّ الماغوط في ( بيروت ) إلى جماعة (مجلة شعر) حيث تعرف على الشاعر (يوسف الخال ) فاحتضنه في (مجلة شعر ) بعد أن قدمه اليها (أدونيس)
نشأت بين الماغوط والشاعر(بدر شاكرالسياب) في ( بيروت ) صداقة حميمة حيث كان السياب متسكّعا في بيروت وتعرّف الماغوط في بيت (أدونيس )على الشاعرة ( سنية صالح) شقيقة الشاعرة ( خالدة سعيد)زوجة أدونيس وكان سبب هذا التعارف جائزة صحيفة ( النهار ) البيروتية لاحسن قصيدة فكسبها يقول :
الحبُّ خطواتٌ حزينةٌ في القلب
والضجرُ خريفٌ بين النهدين
أيتها الطفلة التي تقرع أجراس الحبر في قلبي
من نافذة المقهى ألمح عينيك الجميلتين
من خلال النسيم البارد
أتحسَّسُ قبلاتكِ الأكثر صعوبةً من الصخر .
ظالمٌ أنت يا حبيبي
وعيناك سريران تحت المطر
ترفق بي أيها الالهُ الكستنائي الشعر
ضعني أغنيةً في قلبك
ونسراً حول نهديك
عاد الماغوط إلى (دمشق ) بعد ان اصبح علما من اعلام الادب العربي السوري حيث صدرت مجموعته الأولى( حزن في ضوء القمر ) عام 1959ثم مجموعته الثانية ( غرفة بملايين الجدران) ثم توطدت العلاقة بين الماغوط و (سنية صالح ) بعد قدومها إلى دمشق لاكمال دراستها الجامعية. وفي عام \1961 سجن الماغوط مرة اخرى فأمضى في السجن ثلاثة أشهر، ووقفت ( سنية صالح ) وصديقه الحميم (زكريا ثامر ) الى جانبه خلال فترة السجن، لذا لما خرج الماغوط من السجن تزوج (سنية صالح ) وأنجب منها ابنتين : شام وسلافة.
اصبح محمد الماغوط في بداية السبعينات رئيساً لتحرير مجلة (الشرطة) الدمشقية حيث نشر كثيراً من المقالات الناقدة في صفحة خاصة من المجلة تحت عنوان (الورقة الأخيرة)، وفي نفس الفترة بحث الماغوط عن وسائل أخرى للتعبيروالكتابة أوضح أو أكثر حدة في كتاباته ، فمال الى الادب المسرحي فكتب مسرحيتيه ( ضيعة تشرين) ومسرحية ( غربة ) وفيها أراد الماغوط ان يخاطب الناس ببساطة دون تعقيد، وهو احد كبار الادباء الذين ساهموا في تحديد هوية وطبيعة وتوجه صحيفة ( تشرين ) السورية منذ بداية صدورها ونشأتها وتطورها في منتصف السبعينيات، حيث تناوب مع الكاتب القاص ( زكريا ثامر ) على كتابة زاوية يومية،في هذه الصحيفة وكانها في مواقفها صحيفة كاملة وذلك في سنة \1975 وما بعدها ، وكذلك الحال حينما كتب في مجلة( المستقبل ) الاسبوعية زاويته ( اليس في بلاد العجائب ) فادى ذلك الى انتشارها في سوريا واسعا ومما قاله وكتبه فيها شعرا هذه السطور :
سئمتك أيها الشعر ،
أيها الجيفةُ الخالده
لبنان يحترق
يثب كفرس جريحة عند مدخلِ الصحراء
وأنا أبحثُ عن فتاة سمينه
أحتكُّ بها في الحافله
عن رجلٍ عربي الملامح ، أصرعه في مكانٍ ما .
بلادي تنهار
ترتجفُ عاريةً كأنثى الشبل
وأنا أبحث عن ركنٍ منعزل
وقرويةٍ يائسة ، أغرّر بها .
يا ربة الشعر
سافر محمد الماغوط خلال الثمانيات من القرن الماضي إلى الامارات العربية واستقر في امارة ( الشارقة ) وعمل في صحيفة ( الخليج) الاماراتية واسس قسما ثقافيا فيها وعمل معه في هذا القسم يوسف عيدابي و نواف يونس من سوريا .
هذه الفترة كانت صعبة عليه فقد توفت شقيقته عام 1984 ووالده عام \1985 ثم توفت زوجته الشاعرة (سنية صالح ) في نفس العام حيث كانت مصابة بالسرطان فنقلت الى ( باريس) للعلاج قضت هناك عشرة اشهر وقد تكفل القصر الجمهوري في فرنسا بنفقة العلاج وما هي الا فترة قليلة حيث توفت امه عام\1987
يقول فيها :
مخذولٌ أنا لا أهل ولا حبيبة
أتسكعُ كالضباب المتلاشي
كمدينةٍ تحترقُ في الليل
والحنين يلسع منكبيّ الهزيلين
كالرياح الجميله ، والغبار الأعمى
فالطريقُ طويله
والغابةُ تبتعدُ كالرمح .
مدّي ذراعيك يا أمي
أيتها العجوزُ البعيدةُ ذات القميص الرمادي
دعيني ألمس حزامك المصدَّف
ومن جهة اخرى فقد زوّج ابنته الاولى ( سلافة ) لطبيب سوري يقيم في (بريطانيا) وابنته ( شام) زوجها لطبيب سوري ايضا مقيم في امريكا فكانتا بعيدتين عنه ولم تاتي احداهن لتراه الا بعد موته وحضور جنازته فتراكمت الاحداث والمآسي عليه وقد اصبح فريدا وحيدا بعد وفاة زوجته ، وقد تركت هذه المآسي المتلاحقة الأثر الشديد على نفسية الشاعر الماغوط وأعماله وكتاباته وساقته الى حتفه عاجلا .
توفي محمد الماغوط في الثالث من نيسان ( ابريل ) 2006 عن عمر يناهز الثانية والسبعين من العمر اثر نوبة قلبية حيث توقف قلبه وهو يقوم بمكالمة هاتفية .
محمد الماغوط ترك اثارا في الشعر والنثر والمسرح واهم اعماله مايلي :
ا- دواوينه الشعرية
1-حزن في ضوء القمر – ديوان شعر
2- غرفة بملايين الجدران - ديوان شعر
3 -الفرح ليس مهنتي – ديوان شعر (منشورات اتحاد الكتاب العرب – دمشق)
ب-أعماله الروائية
1-الأرجوحة
جـ أعماله المسرحية:
1-العصفور الأحدب
2-المهرج
3- كاسك يا وطن
4-غربة
5- ضيعة تشرين
6- شقائق النعمان
7- المارسيليز العربي
د- المقالات والنصوص:
1-سأخون وطني
2-سياف الزهور
3-شرق عدن.. غرب الله
4-البدوي الأحمر
هـ النصوص السينمائية:
1-الحدود
2-التقرير
3- المسافر
و-النصوص التلفزيونية
1-وادي المسك
2-حكايا الليل
محمد الماغوط اديب شاعر وناثر ومسرحي وسينمائي وصحفي ويعتبره الكثيرون من أبرز شعراء وأدباء سوريا في النصف الثاني من القرن العشرين ومن اهم رواد قصيدة النثر في الوطن العربي كتب القصيدة النثرية والخاطرة والرواية والمسرحية والمسلسل التلفزيوني والفليم السينمائي . ويغلب على كتاباته طابع الحزن والاسى والدراما
وفي احدى قصائده يقول :
أظافري لا تخدش
أسناني لا تأكل
صوتي لا يسمع
دموعي لا تنهمر
أليست هذه بطالة مقنعة؟
***
الكل يقلع وأنا مازلت في المطار.
***
كل جراحي اعتراها القدم، وأصابها الإهمال
لم تعد دماؤها قانية
ولا آلامها مبرحة
واختم بحثي بهذه الاسطر من قصيدته (سرير تحت المطر) يقول فيها :
الحبُّ خطواتٌ حزينةٌ في القلب
والضجرُ خريفٌ بين النهدين
أيتها الطفلة التي تقرع أجراس الحبر في قلبي
من نافذة المقهى ألمح عينيك الجميلتين
من خلال النسيم البارد
أتحسَّسُ قبلاتكِ الأكثر صعوبةً من الصخر .
ظالمٌ أنت يا حبيبي
وعيناك سريران تحت المطر
ترفق بي أيها الالهُ الكستنائي الشعر
ضعني أغنيةً في قلبك
ونسراً حول نهديك
دعني أرى حبك الصغير
يصدحُ في الفراش
أنا الشريدُ ذو الأصابع المحرقه
والعيونُ الأكثر بلادة من المستنقع
لا تلمني إذا رأيتني صامتاً وحزيناً
فإنني أهواك أيها الصنمُ الصغير
أهوى شعرك ، وثيابك ، ورائحة زنديك الذهبيتين .
كن غاضباً أو سعيداً يا حبيبي
كن شهياً أو فاتراً ، فإنني أهواك .
يا صنوبرةً حزينة في دمي
من خلال عينيك السعيدتين
أرى قريتي ، وخطواتي الكئيبة بين الحقول
أرى سريري الفارغ
وشعري الأشقر متهدلاً على المنضده
كن شفوقاً بي أيها الملاك الوردي الصغير
سأرحلُ بعد قليل ، وحيداً ضائعاً
وخطواتي الكئيبه
تلتفت نحو السماء وتبكي
,
اميرالبيــــــــــــان العربي
د فالح نصيف الحجية الكيلاني
العراق- ديالى - بلدروز
عمل الماغوط فلاحاً وبدأت بوادر موهبته الشعرية بالتفتح فنشر قصيدة بعنوان ( غادة يافا ) في مجلة( الآداب ) البيروتية. ثم دخل الماغوط بالخدمة العسكرية في الجيش وكتب أوائل قصائده النثرية قصيدة بعنوان (لاجئة بين الرمال) التي نُشِرَت في مجلة ( الجندي) وكان ينشر في هذه المجلة الشعراء ادونيس وسليمان العواد وخالدة سعيد ، وبعد إنهاء خدمته العسكرية استقر الماغوط في (السلمية )
في 22نيسان ( ابريل) 1955 اغتيل عدنان المالكي فكان لاغتياله اثر مهم في حياة الماغوط حيث اتهم بقتله اعضاء الحزب السوري القومي الاجتماعي فسجن اغلب اعضائه ومنهم محمد الماغوط في ( سجن المزة ) وخلف قضبان السجن بدأت حياة الماغوط الأدبية الحقيقية، حيث تعرف أثناء سجنه على الشاعر علي أحمد سعيد إسبر الملقب ب (أدونيس) الذي كان في الزنزانة المجاورة لزنزانته.
وخلال فترة الوحدة العربية التي تمت بين( سوريا ومصر ) كان الماغوط مطلوباً في ( دمشق)، فقرر الهرب إلى( بيروت )في أواخر الخمسينات، ودخل ( لبنان) بطريقة غير شرعية سيراً على الأقدام، وهناك انضمّ الماغوط في ( بيروت ) إلى جماعة (مجلة شعر) حيث تعرف على الشاعر (يوسف الخال ) فاحتضنه في (مجلة شعر ) بعد أن قدمه اليها (أدونيس)
نشأت بين الماغوط والشاعر(بدر شاكرالسياب) في ( بيروت ) صداقة حميمة حيث كان السياب متسكّعا في بيروت وتعرّف الماغوط في بيت (أدونيس )على الشاعرة ( سنية صالح) شقيقة الشاعرة ( خالدة سعيد)زوجة أدونيس وكان سبب هذا التعارف جائزة صحيفة ( النهار ) البيروتية لاحسن قصيدة فكسبها يقول :
الحبُّ خطواتٌ حزينةٌ في القلب
والضجرُ خريفٌ بين النهدين
أيتها الطفلة التي تقرع أجراس الحبر في قلبي
من نافذة المقهى ألمح عينيك الجميلتين
من خلال النسيم البارد
أتحسَّسُ قبلاتكِ الأكثر صعوبةً من الصخر .
ظالمٌ أنت يا حبيبي
وعيناك سريران تحت المطر
ترفق بي أيها الالهُ الكستنائي الشعر
ضعني أغنيةً في قلبك
ونسراً حول نهديك
عاد الماغوط إلى (دمشق ) بعد ان اصبح علما من اعلام الادب العربي السوري حيث صدرت مجموعته الأولى( حزن في ضوء القمر ) عام 1959ثم مجموعته الثانية ( غرفة بملايين الجدران) ثم توطدت العلاقة بين الماغوط و (سنية صالح ) بعد قدومها إلى دمشق لاكمال دراستها الجامعية. وفي عام \1961 سجن الماغوط مرة اخرى فأمضى في السجن ثلاثة أشهر، ووقفت ( سنية صالح ) وصديقه الحميم (زكريا ثامر ) الى جانبه خلال فترة السجن، لذا لما خرج الماغوط من السجن تزوج (سنية صالح ) وأنجب منها ابنتين : شام وسلافة.
اصبح محمد الماغوط في بداية السبعينات رئيساً لتحرير مجلة (الشرطة) الدمشقية حيث نشر كثيراً من المقالات الناقدة في صفحة خاصة من المجلة تحت عنوان (الورقة الأخيرة)، وفي نفس الفترة بحث الماغوط عن وسائل أخرى للتعبيروالكتابة أوضح أو أكثر حدة في كتاباته ، فمال الى الادب المسرحي فكتب مسرحيتيه ( ضيعة تشرين) ومسرحية ( غربة ) وفيها أراد الماغوط ان يخاطب الناس ببساطة دون تعقيد، وهو احد كبار الادباء الذين ساهموا في تحديد هوية وطبيعة وتوجه صحيفة ( تشرين ) السورية منذ بداية صدورها ونشأتها وتطورها في منتصف السبعينيات، حيث تناوب مع الكاتب القاص ( زكريا ثامر ) على كتابة زاوية يومية،في هذه الصحيفة وكانها في مواقفها صحيفة كاملة وذلك في سنة \1975 وما بعدها ، وكذلك الحال حينما كتب في مجلة( المستقبل ) الاسبوعية زاويته ( اليس في بلاد العجائب ) فادى ذلك الى انتشارها في سوريا واسعا ومما قاله وكتبه فيها شعرا هذه السطور :
سئمتك أيها الشعر ،
أيها الجيفةُ الخالده
لبنان يحترق
يثب كفرس جريحة عند مدخلِ الصحراء
وأنا أبحثُ عن فتاة سمينه
أحتكُّ بها في الحافله
عن رجلٍ عربي الملامح ، أصرعه في مكانٍ ما .
بلادي تنهار
ترتجفُ عاريةً كأنثى الشبل
وأنا أبحث عن ركنٍ منعزل
وقرويةٍ يائسة ، أغرّر بها .
يا ربة الشعر
سافر محمد الماغوط خلال الثمانيات من القرن الماضي إلى الامارات العربية واستقر في امارة ( الشارقة ) وعمل في صحيفة ( الخليج) الاماراتية واسس قسما ثقافيا فيها وعمل معه في هذا القسم يوسف عيدابي و نواف يونس من سوريا .
هذه الفترة كانت صعبة عليه فقد توفت شقيقته عام 1984 ووالده عام \1985 ثم توفت زوجته الشاعرة (سنية صالح ) في نفس العام حيث كانت مصابة بالسرطان فنقلت الى ( باريس) للعلاج قضت هناك عشرة اشهر وقد تكفل القصر الجمهوري في فرنسا بنفقة العلاج وما هي الا فترة قليلة حيث توفت امه عام\1987
يقول فيها :
مخذولٌ أنا لا أهل ولا حبيبة
أتسكعُ كالضباب المتلاشي
كمدينةٍ تحترقُ في الليل
والحنين يلسع منكبيّ الهزيلين
كالرياح الجميله ، والغبار الأعمى
فالطريقُ طويله
والغابةُ تبتعدُ كالرمح .
مدّي ذراعيك يا أمي
أيتها العجوزُ البعيدةُ ذات القميص الرمادي
دعيني ألمس حزامك المصدَّف
ومن جهة اخرى فقد زوّج ابنته الاولى ( سلافة ) لطبيب سوري يقيم في (بريطانيا) وابنته ( شام) زوجها لطبيب سوري ايضا مقيم في امريكا فكانتا بعيدتين عنه ولم تاتي احداهن لتراه الا بعد موته وحضور جنازته فتراكمت الاحداث والمآسي عليه وقد اصبح فريدا وحيدا بعد وفاة زوجته ، وقد تركت هذه المآسي المتلاحقة الأثر الشديد على نفسية الشاعر الماغوط وأعماله وكتاباته وساقته الى حتفه عاجلا .
توفي محمد الماغوط في الثالث من نيسان ( ابريل ) 2006 عن عمر يناهز الثانية والسبعين من العمر اثر نوبة قلبية حيث توقف قلبه وهو يقوم بمكالمة هاتفية .
محمد الماغوط ترك اثارا في الشعر والنثر والمسرح واهم اعماله مايلي :
ا- دواوينه الشعرية
1-حزن في ضوء القمر – ديوان شعر
2- غرفة بملايين الجدران - ديوان شعر
3 -الفرح ليس مهنتي – ديوان شعر (منشورات اتحاد الكتاب العرب – دمشق)
ب-أعماله الروائية
1-الأرجوحة
جـ أعماله المسرحية:
1-العصفور الأحدب
2-المهرج
3- كاسك يا وطن
4-غربة
5- ضيعة تشرين
6- شقائق النعمان
7- المارسيليز العربي
د- المقالات والنصوص:
1-سأخون وطني
2-سياف الزهور
3-شرق عدن.. غرب الله
4-البدوي الأحمر
هـ النصوص السينمائية:
1-الحدود
2-التقرير
3- المسافر
و-النصوص التلفزيونية
1-وادي المسك
2-حكايا الليل
محمد الماغوط اديب شاعر وناثر ومسرحي وسينمائي وصحفي ويعتبره الكثيرون من أبرز شعراء وأدباء سوريا في النصف الثاني من القرن العشرين ومن اهم رواد قصيدة النثر في الوطن العربي كتب القصيدة النثرية والخاطرة والرواية والمسرحية والمسلسل التلفزيوني والفليم السينمائي . ويغلب على كتاباته طابع الحزن والاسى والدراما
وفي احدى قصائده يقول :
أظافري لا تخدش
أسناني لا تأكل
صوتي لا يسمع
دموعي لا تنهمر
أليست هذه بطالة مقنعة؟
***
الكل يقلع وأنا مازلت في المطار.
***
كل جراحي اعتراها القدم، وأصابها الإهمال
لم تعد دماؤها قانية
ولا آلامها مبرحة
واختم بحثي بهذه الاسطر من قصيدته (سرير تحت المطر) يقول فيها :
الحبُّ خطواتٌ حزينةٌ في القلب
والضجرُ خريفٌ بين النهدين
أيتها الطفلة التي تقرع أجراس الحبر في قلبي
من نافذة المقهى ألمح عينيك الجميلتين
من خلال النسيم البارد
أتحسَّسُ قبلاتكِ الأكثر صعوبةً من الصخر .
ظالمٌ أنت يا حبيبي
وعيناك سريران تحت المطر
ترفق بي أيها الالهُ الكستنائي الشعر
ضعني أغنيةً في قلبك
ونسراً حول نهديك
دعني أرى حبك الصغير
يصدحُ في الفراش
أنا الشريدُ ذو الأصابع المحرقه
والعيونُ الأكثر بلادة من المستنقع
لا تلمني إذا رأيتني صامتاً وحزيناً
فإنني أهواك أيها الصنمُ الصغير
أهوى شعرك ، وثيابك ، ورائحة زنديك الذهبيتين .
كن غاضباً أو سعيداً يا حبيبي
كن شهياً أو فاتراً ، فإنني أهواك .
يا صنوبرةً حزينة في دمي
من خلال عينيك السعيدتين
أرى قريتي ، وخطواتي الكئيبة بين الحقول
أرى سريري الفارغ
وشعري الأشقر متهدلاً على المنضده
كن شفوقاً بي أيها الملاك الوردي الصغير
سأرحلُ بعد قليل ، وحيداً ضائعاً
وخطواتي الكئيبه
تلتفت نحو السماء وتبكي
,
اميرالبيــــــــــــان العربي
د فالح نصيف الحجية الكيلاني
العراق- ديالى - بلدروز
******************
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق