بكلّ هذا العصف الذي يمزّق أوراقي ، أحاول أن أطوي الليل بسرعة الريح ، أطويه كما تُطوى الصباحات كلّ رشفة ذكرى من فنجان قهوة أبني به صرح يوم لا يشبه التاريخ...أطويه قبل أن تكتشف تفاصيل وجهي تلك الهالات على جلد القصيدة...أطويه كما أطوي ثوبا أنثويا مُعَدّاً لكرنفال تختفي فيه كلّ الوجوه ، ويصبح القناع سيّد الموقف فيه...بكلّ هذه الهشاشة أعزف على وتر حزين كلّ هذا الصقيع في أوردتي ، وأخلق لي في جديلة المعنى ريشا من كلام أُدفئُ به الهواء المنكسر بين أصابعي ، بكلّ هذا الغروب أُشعلُ جمرا من أنين وأمشي على ذرات العمر بمهمادٍ أُهدّئ به هذا الجموح المنبعث من فوّهة الأمس ، لعلّي أصير طفلة تنبعث من بروقك ، مشابك شِعرها ابتسامتك التي تسقي جراحي شفاء مزهوّا بلغو الكلام....لم يبلغ حينها سنّ اليأس ، ولم يكتب معاهدة حرب في أعالي الكِتمان ، لا مناصّ من المغامرة في أطراف الخيال ، ولم يكن العزف نشازا قبل الرحيل ، ولكن الغيث هطل فجأة على إيقاع القافية ، و ذكرته في نصّ مشى على خيط حزنٍ، جندلت فيه ُ بريحي حتى ملّني سجع الكهّان ، وتمايلتْ على ظهري صخرة سيزيف ، دون أن يخلّف موتي صخبا في هذا الليل المسكون بكلّ هواجسي ...قبل النهاية أردتُ أن يكون لي شِريانا يلوّح بخاطرتي ، و يحضن الورد على ضفاف الحضور الماطر بك...تبرعمت كلّ آمالي و الوجود يغرغرني و يحاصرني على خاصرة الصهيل....كل شوارعك مرّت بين أسطري ، وخبّأت في همساتها أجراسي...هااا ما بال أوزان الشعر تتعجّب من قنديل يتشرّب كلّ هذا الطيف المخمليّ الذي يسقي الحكاية و يهرول نحوي في سهول الأبجدية....مابال الدواوين تغرق في عطر النرديم و تخلف نزق الهديل في عرس الهزائم و الإنتصار...ما بالك تمرّ بين ثقوب الناي وتسافر في الهوى تخلّف انكساري و تختفي خلف الضباب ....يا تنهيدة النظرة الأخيرة في وطني سجّل سقوطي في سهد الضباب ...واكتب عني إليادة خرساء تشجّرت بين الأحزان وعانقت توابيت الظلام....بوسامة هذا الليل أطلق في لجج اللحظة سحابة منقوشة بي علّ شحوب السواحل تراوح اللهفة و تغمس في محبرة الصمت بعضا من قصيدتي و تبني لي مملكة من ناي و رمل و ريحان.....
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق