الأربعاء، 27 سبتمبر 2017

تباريح عشق لا يرى النور * الجزء الرابع * (الأخير) .. بقلم الأستاذة / Hasna Hafdhouni

تباريح عشق لا يرى النور * الجزء الرابع * (الأخير)
أخذت سارة ولديها يومها الى بيت أمها واصطحبت أخاها معها ليرافق عريسها الى البلدية ليتمما معا مقتضيات عقد القران وقصدت الحلاقة على مضض ... لم تكن ترغب بالتأنق ولا بالتزين ولمن ستفعل ذلك لرجل اخر غير حبيبها رجل لا يسكن قلبها ولا تكن له أية مشاعر تذكر غير أنها لم تعد قادرة على مواجهة الحياة التي باتت تنوء تحتها بأثقال جمة نظرة المجتمع لها ككائن ناقص لأنها مطلقة وزوجها السابق الذي لم يترك لها فرصة التنفس بحرية ووحدتها ومسؤولية ابنيها و... وخاصة احساسها بالاحباط من تلكم الوعود التي لم تعد أن تكون سحابات خلبا ترعد وتبرق ولا من غيث يروي ظمأها ويهدئ من روع انتظارها الطويل يتسع مداه شهرا بعد شهر وسنة وراء سنة حتى ضاقت ذرعا بالسجن الذي تقبع فيه تعرفت عليه كيف لا وهي لا تكاد تراه الا لماما وتجهل مصيرها فلا هي متزوجة ولا هي حرة ولا هي واثقة من خطواتها القادمة وليس بيدها حل ولا عمل غير أسر الترقب لعله يحسم أمره ويطلق زوجته التي لم تنجب له من سنتين ونيف
مثلما يقول ...لعله يصلح ما دمره من كيانها الهش يوم تزوج غيرها وتركها نهشا لليأس والندم ...!!!
كان رأسها تحت رعاية أكثر من سيدة واحدة تمشط شعرها والأخرى تضع عليه الألوان والثالثة تجففه من الماء وتصففه بينما كان تفكيرها مشتتا لا يعرف الثبات وأبعد ما يكون عن عروس تستعد للفرح ..انها على خلاف ما تتظاهر به أمام النسوة في تلك القاعة من اصطناع السرور وادعاء السعادة وكأنها تستعد للانتحار انتحارا بطيئا يمتد على صفحة العمر انتقاما من تفسها ومن الحياة التي رمتها تحت سياط العذاب ......
في المساء رجع محمد من بيت العائلة بعد أن أمضى فترة الغداء وبعض أمسية .. ..
كانت زوجته تزقزق فرحا بمقعدها الى جانبه في السيارة وكان كمن فقد بعض عقله يبحث عن طريقة يصارحها بقرار الانفصال ثم ما لبث أن صاح دون أن وعي وفي جملة واحدة لخص الخبر قائلا :
أنت تعرفين أني أريد الطلاق من السنة الفارطة أليس كذلك ؟!! فنزل الخبر عليها نزول الصاعقة مجيبة : ماذا ؟!!! ثم أردفت ؛ ألم تتراجع عن ذلك وقلت انها كانت غلطة ولن تتكرر ؟
فقال بهدوء غريب " ليست غلطة أريد أن اطلق فبالله لا تسأليني عن الأسباب أنت كنت نعم الزوجة لكن قلبي لا زال معها وأنت تعرفين القصة مني ومن أمي من قبل الزواج ..........."
صمتت الزوجة ولاذ محمد بالصمت انه صمت الدهور .......
وصلا البيت فنزلت من السيارة ووقفت تنتظره كعادتها أما هو فقد أدار المقود بسرعة متناهية وابتلعه الطريق ....كان عازما يومها على كسر كل الحواجز على غير عادته ...نعم سيتجه نحو بيتها وسيقتحم عليها خلوتها ولن يهاتفها كما تعود على ذلك ولن ينتظرها متخفيا من جيرانها ومن أهلها ومن زوجها ليلتقيها في الخارج في مكان منزو حفاظا على سمعتها وانما سيصعد درج العمارة وسيطرق بابها وسبدخل بيتها وسيعلمها أنه غدا سيقدم قضيته في الطلاق وما عليها سوى أن تصدقه هذه المرة ......
وماهي الا نصف ساعة حتى كان أمام شرفتها فركن السيارة وكانت الشمس قد أشرفت على المغيب فنظر الى السماء وقد علاها الشفق في لون أرجواني ساحر وتمتم " يارب اجعلها من نصيبي واجعلني من نصيبها فقد تعذبنا كثيرا..."
ثم أخذ هاتفه من جيبه وحاول الاتصال بها وكان هاتفها مغلقا على غير عادته فرمى نفسه بالدرج ليصعد الى الطابق الثالث في لحظات وطرق الباب بسرعة وبقوة توازي نبضات قلبه المتلهفة لرؤيتها وكانت سعادته لا توصف وهو يستعد ليزف لها الخبر السعيد لكنه لم يتغافل لحظتها عن تفقد بدلته وتسوية ربطة عنقه .....
وبعد مدة وجيزة فتح الباب فتفاجأ بكهل يصرخ بوجهه من أنت ؟!! ولماذا تطرق الباب !!!؟ ففغر فاه دهشة وبحث فلم يعثر على صوته ثم انتبه الى أن الرجل الذي أمامه يرفل في ثياب النوم وسرح بذهنه لبرهة فتذكر الرجل وصراخه في وجه سارة يوم التقاها بالمحكمة ........واستفاق من شروده
و حبيبته تسير باتجاه الباب في كامل زينتها عروس تخطر بطيبها و حريرها ومخملها فكاد يسقط مغشيا عليه واعتذر لزوجها قائلا لقد أخطأت العنوان كنت أحسبه الطابق الرابع لا الثاني ...
ثم نزل الدرج وهو يتحامل على نفسه وشعر للحظات انه سيفقد النفس فعمد الى ربطة العنق يفتحها قبل أن يختنق أو يموت...
اختلطت دموعه بحيرته ...." انه هو .. نعم هو زوجها ! نفس القامة ونفس الصوت ونفس الفجاجة !!! يا الله !! رجعت الى زوجها كيف رجعت له ومتى
نعم لقد أخبرتني مرة أن ذاك اللعين لم يتزوج من عشيتقته ولكنها لم تخبرني بشيء اخر ؟!!!! .....
كيف نسيت حبنا ؟!! لماذا عادت الى العذاب باختيارها ؟!! ولماذا الان ؟!!! ..... لقد تأخرت كثيرا نعم تأخرت تأخرت .......!!!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق