( محاولة للفهم فقط)
هل الأقصى وغزة مصدرا الإرهاب العالمي، يتحتم اجتثاثهما؟
(18)
إن ما يقوم به العدو ليس مجرد صدفة، وليس خاضعاً للفعل وردة الفعل، بل هو ضمن مخطط توراتي مبرمج ومدروس بشكل دقيق ومتقن تماماً، وبالتالي نحن نهب لحظة آنية انفعالية، ثم سرعان ما يضعنا العدو تحت الأمر الواقع، حتى ينفذ حدثاً آخر، وهكذا، وقبل أن نعود باللوم على العرب والمسلمين وحلفاء العدو، علينا أن نطلع على الدور التآمري للقيادات الفلسطينية، ولعلّ الشاعر الشهيد إبراهيم طوقان قد وصف واقع تلك القيادات الوصف الذي يليق بها...).
(تابع لما قبله...)
رافق تلك الثورة قيادات وأحزاب ومنظمات وسياسيون (بارعون محنكون، يقرأون الغيب ويرسمون المستقبل بأيديهم)، ففي حين كان الشعب الفلسطيني يخوض القتال العنيف، كان هؤلاء( العباقرة) يستقبلون تلك اللجنة وذلك الموفد، ويخوضون في صراع على تولى الزعامة والفخامة، وقد كان شاعر فلسطين والثورة إبراهيم طوقان يصوّر تلك المرحلة بكلمته أصدق تصوير، فها هو يصف العدو بقوله:
لنا خصمان ذو حَوْلٍ وَطَوْلٍ وآخر ُ ذو احتيالٍ واقتناصِ
مناهجُ للإبادة واضحات وبالحسنى تُنفّذ والرصاص
وفي مواجهة المحو والإلغاء تصبح كل وسائل الاحتجاج المعتادة لغواً وعبثاً، ولا يقف أمام منهج الإبادة إلا منهج الشهادة. فالقوة لا تُواجه إلا بالقوة.
وحين نشرت الصحف أن زعيم الهند «غاندي» أنذر بريطانيا بالصيام مدى الحياة، ما لم تُغيّر سياستها في الهند، راح إبراهيم يغمز ويقارن بين زعيم هنا.. وزعيم هناك:
حبذا لو يصوم منا زعيم ٌ مثل «غندي» عسى يفيد صيامُهْ
لا يصمْ عن طعامه في فلسطيــنَ، يمـوت الزعيمُ لولا طعامه
ليصمْ عن مبيعه الأرضَ يحفظْ بقعةً تستريح فيها عظامه!
( أما عندنا، فقد تكرش الزعيم حتى عاد بلا رقبة).
ولم يكن ليدع مناسبة تمر، دون أن يشير إلى هذا الداء العضال، الذي بُليت به فلسطين. ولشدّ ما صب نقمته على تلك العصبة الحقيرة، التي يقوم على يديها ضياع البلاد:
أمّا سماسرةُ البلاد فعصبةٌ عارٌ على أهل البلاد بقاؤها
إبليسُ أعلن صاغراً إفلاسَهُ لما تَحقّقَ عنده إغراؤها
يتنعّمون مُكرَّمين كأنما لنعيمهم عمَّ البلادَ شقاؤها
هم أهلُ نجدتها وإن أنكرتَهم وهُمُ- وأنفُكَ راغمٌ- زعماؤهما..
لم ينجم عن تلك الأحزاب، التي تتنازع فيما بينها وتغازل اليهود والانجليز
إلا تفكك الأمة وشقاقها، وهذا ما يعيق السير نحو الهدف الواحد، وتقديم الدعم للأعداء، فقال فيهم:
وطني، أخاف عليك قوماً أصبحوا يتساءلون: مَنِ الزعيمُ الأليقُ؟
لا تفتحوا بابَ الشقاقِ فإنهُ بابٌ على سُودِ الحوادثِ مُغلَق
واللهِ لا يُرجى الخلاصُ وأمركم فوضى، وشملُ العاملين مُمزَّق
لقد ساهمت الأحزاب جميعها بهزيمة شعبنا وثوراته، وبهذا يقول إبراهيم طوقان
ما لكم بعضُـكم يُمزّق بعضاً أفرغتم من العدو اللدودِ ؟
اذهبوا في البلاد طولاً وعرضاً وانظروا ما لخصمكم من جهود
والمسوا باليدين صَرحاً منيعاً شاد أركانَه بعزمٍ وطيد!
كلُّ هذا استفاده بين فوضى وشقاقٍ، وذلّة، وهُجود
واشتغالٍ بالترّهات، وحبِّ الذْات عن نافعٍ عميم مجيد
شهد اللهُ أنّ تلك حياةٌ فُضِّلت فوقها حياةُ العبيد
ما كان أنكأ لقلب إبراهيم من خمود العزائم في حاملي عبء القضية الوطنية ووقوفهم عند تقديم «البيانات» و«الاحتجاجات»، لا يتعدونها إلى غيرها من الأعمال المجدية، فخاطبهم متهكماً:
أنتمُ «المخلصون» للوطنيّه
أنتمُ العاملون من غير قولٍ أنتمُ الحاملون عبءَ القضيّه
بارك اللهُ في الزنود القويّه
و«بيانٌ» منكم يعادل جيشاً بمعدّات زحفه الحربيّه
و«اجتماعً» منكم يردّ علينا غابرَ المجدِ من فتوح أميّه
ما جحدنا «أفضالكم» غيرَ أنّا لم تزل في نفوسنا أمنيّه
في يدينا بقيّةٌ من بلادٍ فاستريحوا كي لا تطيرَ البقيّه
وبعد، ما أشبه الأمس باليوم، ألم تساهم قيادات اليوم بما نحن فيه الآن؟
وهكذا أخذت جبهة الأعداء تتسع، وقد انخرط فيها قادة الأحزاب والمنظمات، سواء عن غباء، أو تواطؤ، أو ... الله أعلم، ولكني أعرف أن تعدد المنظمات والأحزاب والاقتتال بينها، والتفاوض مع العدو، هو جريمة بحق الدم الفلسطيني، ويخدم العدو،أياً كان السبب والدافع والظروف والأهداف والغايات.
هل الأقصى وغزة مصدرا الإرهاب العالمي، يتحتم اجتثاثهما؟
(18)
إن ما يقوم به العدو ليس مجرد صدفة، وليس خاضعاً للفعل وردة الفعل، بل هو ضمن مخطط توراتي مبرمج ومدروس بشكل دقيق ومتقن تماماً، وبالتالي نحن نهب لحظة آنية انفعالية، ثم سرعان ما يضعنا العدو تحت الأمر الواقع، حتى ينفذ حدثاً آخر، وهكذا، وقبل أن نعود باللوم على العرب والمسلمين وحلفاء العدو، علينا أن نطلع على الدور التآمري للقيادات الفلسطينية، ولعلّ الشاعر الشهيد إبراهيم طوقان قد وصف واقع تلك القيادات الوصف الذي يليق بها...).
(تابع لما قبله...)
رافق تلك الثورة قيادات وأحزاب ومنظمات وسياسيون (بارعون محنكون، يقرأون الغيب ويرسمون المستقبل بأيديهم)، ففي حين كان الشعب الفلسطيني يخوض القتال العنيف، كان هؤلاء( العباقرة) يستقبلون تلك اللجنة وذلك الموفد، ويخوضون في صراع على تولى الزعامة والفخامة، وقد كان شاعر فلسطين والثورة إبراهيم طوقان يصوّر تلك المرحلة بكلمته أصدق تصوير، فها هو يصف العدو بقوله:
لنا خصمان ذو حَوْلٍ وَطَوْلٍ وآخر ُ ذو احتيالٍ واقتناصِ
مناهجُ للإبادة واضحات وبالحسنى تُنفّذ والرصاص
وفي مواجهة المحو والإلغاء تصبح كل وسائل الاحتجاج المعتادة لغواً وعبثاً، ولا يقف أمام منهج الإبادة إلا منهج الشهادة. فالقوة لا تُواجه إلا بالقوة.
وحين نشرت الصحف أن زعيم الهند «غاندي» أنذر بريطانيا بالصيام مدى الحياة، ما لم تُغيّر سياستها في الهند، راح إبراهيم يغمز ويقارن بين زعيم هنا.. وزعيم هناك:
حبذا لو يصوم منا زعيم ٌ مثل «غندي» عسى يفيد صيامُهْ
لا يصمْ عن طعامه في فلسطيــنَ، يمـوت الزعيمُ لولا طعامه
ليصمْ عن مبيعه الأرضَ يحفظْ بقعةً تستريح فيها عظامه!
( أما عندنا، فقد تكرش الزعيم حتى عاد بلا رقبة).
ولم يكن ليدع مناسبة تمر، دون أن يشير إلى هذا الداء العضال، الذي بُليت به فلسطين. ولشدّ ما صب نقمته على تلك العصبة الحقيرة، التي يقوم على يديها ضياع البلاد:
أمّا سماسرةُ البلاد فعصبةٌ عارٌ على أهل البلاد بقاؤها
إبليسُ أعلن صاغراً إفلاسَهُ لما تَحقّقَ عنده إغراؤها
يتنعّمون مُكرَّمين كأنما لنعيمهم عمَّ البلادَ شقاؤها
هم أهلُ نجدتها وإن أنكرتَهم وهُمُ- وأنفُكَ راغمٌ- زعماؤهما..
لم ينجم عن تلك الأحزاب، التي تتنازع فيما بينها وتغازل اليهود والانجليز
إلا تفكك الأمة وشقاقها، وهذا ما يعيق السير نحو الهدف الواحد، وتقديم الدعم للأعداء، فقال فيهم:
وطني، أخاف عليك قوماً أصبحوا يتساءلون: مَنِ الزعيمُ الأليقُ؟
لا تفتحوا بابَ الشقاقِ فإنهُ بابٌ على سُودِ الحوادثِ مُغلَق
واللهِ لا يُرجى الخلاصُ وأمركم فوضى، وشملُ العاملين مُمزَّق
لقد ساهمت الأحزاب جميعها بهزيمة شعبنا وثوراته، وبهذا يقول إبراهيم طوقان
ما لكم بعضُـكم يُمزّق بعضاً أفرغتم من العدو اللدودِ ؟
اذهبوا في البلاد طولاً وعرضاً وانظروا ما لخصمكم من جهود
والمسوا باليدين صَرحاً منيعاً شاد أركانَه بعزمٍ وطيد!
كلُّ هذا استفاده بين فوضى وشقاقٍ، وذلّة، وهُجود
واشتغالٍ بالترّهات، وحبِّ الذْات عن نافعٍ عميم مجيد
شهد اللهُ أنّ تلك حياةٌ فُضِّلت فوقها حياةُ العبيد
ما كان أنكأ لقلب إبراهيم من خمود العزائم في حاملي عبء القضية الوطنية ووقوفهم عند تقديم «البيانات» و«الاحتجاجات»، لا يتعدونها إلى غيرها من الأعمال المجدية، فخاطبهم متهكماً:
أنتمُ «المخلصون» للوطنيّه
أنتمُ العاملون من غير قولٍ أنتمُ الحاملون عبءَ القضيّه
بارك اللهُ في الزنود القويّه
و«بيانٌ» منكم يعادل جيشاً بمعدّات زحفه الحربيّه
و«اجتماعً» منكم يردّ علينا غابرَ المجدِ من فتوح أميّه
ما جحدنا «أفضالكم» غيرَ أنّا لم تزل في نفوسنا أمنيّه
في يدينا بقيّةٌ من بلادٍ فاستريحوا كي لا تطيرَ البقيّه
وبعد، ما أشبه الأمس باليوم، ألم تساهم قيادات اليوم بما نحن فيه الآن؟
وهكذا أخذت جبهة الأعداء تتسع، وقد انخرط فيها قادة الأحزاب والمنظمات، سواء عن غباء، أو تواطؤ، أو ... الله أعلم، ولكني أعرف أن تعدد المنظمات والأحزاب والاقتتال بينها، والتفاوض مع العدو، هو جريمة بحق الدم الفلسطيني، ويخدم العدو،أياً كان السبب والدافع والظروف والأهداف والغايات.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق