الثلاثاء، 4 أبريل 2017

وَصايا الغيابِ ... بقلم : الشَّاعر إحسان الخوري

وَصايا الغيابِ ...
 بقلم : الشَّاعر إحسان الخوري
كانَتْ الثَّانيةَ بعدَ منتصفِ الكونِ ..
عندَما تسمَّرَ حُلُمي سبعةَ دهورٍ ..
تتآكلُهُ ارمِداداتُ وصايا الغيابِ .
انهِزاماتي خارجَ ضفَّةِ الزَّمانِ ..
وفُقداني كلَّ نكهاتِ الأشياءِ ...
حبيبَتي ...
هلْ خَلعَتْ روحي جذورَ العشقِ ..
ووَقعتُ في قبضةِ الفُراقِ ..
هلْ دَخلْتُ تَيَهانِ الرَّجفةِ ..
وانزويْتُ خلفَ صدىٰ الحنينِ ..
هلْ تحوَّلتُ إلىٰ مَنديلِ بُكاءٍ ..
وطفقْتُ بانتحاباتِ الليلِ الطَّويلِ ...
آهٍ ..
ماذا ينفعُ الصُّراخُ عندَ انكماشِ الرُّوحِ ..
لماذا تجهَّمتْ وجوهُ الورودِ ..
وغَسلتْ ذاتَها في حضرةِ الغيابِ ..
هلْ أحلامي كلُّها فاسدةٌ ..
أمْ أنَّني أقبعُ في حُجُراتِ الخيالِ ..
أسابقُ دُموعَ السَّماءِ ..
أُساوِمُ غِيابَكِ علىٰ بدايةِ التَّكوينِ ..
وعلىٰ علاقَتي السِّرِّيَةِ بمرايا الحِكاياتِ ...
حبيبَتي ...
بدأْتُ أتوهَّمُ أنَّني كائنٌ خُرافيٌّ ..
أسطوريٌّ ..
أرمُقُ نُقطةَ الوداعِ الأخيرةِ ..
أصفِدُ أبوابَ اللقاءِ ..
أغفِلُ أحزانَ جراحاتِ المشاعرِ ..
ألتهمُ بشراهةٍ مُجلَّداتِ الذِّكرياتِ ..
وأبعثِرُ الذَّاكرةَ خلفَ الأكوانِ ...
حبيبَتي ...
أنا أتذكَّرُ روحَكِ الشَّفيفةَ ..
هيَ أرقُّ من أوراقِ البنفسجِ ..
من الليلَكِ وزنابقِ الماءِ ...
أتذكَّرُ ليلَتَنا تلكَ الأخيرةَ ..
وقتَها ...
كنتُ أمامَ أريكةِ نهدَيكِ ..
مُتسمِّرٌ في عينَيكِ ..
أراقبُ المسافةَ الفاصِلةَ ..
تلكَ المصيدةُ بينَ الأمانِ وتوهِ الأشياءِ ..
وقتَها ...
دارَ حديثٌ بينَ أشياءِكِ وبيني ..
نهداك علىٰ الرُّفوفِ يُساوِماني ..
بطعمِ الشَّمسِ ..
بشقاوةِ مدفأةِ الشِّتاءِ ..
تَعُجَّانِ بأجوبةِ العشقِ ..
وتتشرَّدُ فيهِما كلُّ أسئلَتي ...
شفتايَ كانَتا تعُدَّانِ التُّوتَ ..
اثنانِ ..
رُبَّما عشرةٌ ورُبَّما عشرةُ آلافٍ ..
فهناكَ يقبعُ نبيذُ الجِنِّياتِ ...
وقتَها ...
حرَّضَني خَصرُكِ علىٰ التمرُّدِ ..
غِبْتُ قليلاً في الدَّهشاتِ ..
فتقافزَتْ تِسعةٌ منْ آهاتِكِ ..
استهلكَتْ كلَّ رحيقِ أنوثتِكِ ..
أطلقَتْ دعوةً لشقشقةِ النَّشوةِ ..
فلملمْتُ علىٰ عجَلٍ أنفاسَكِ المُلهْوَجَةَ ..
وزَّعْتُ قُبُلاتيَ الماهراتِ ..
استندْتُ علىٰ قِطعتينِ منَ الليلِ ..
وتركْتُ روحَكِ تغفو علىٰ روحي ...
حبيبَتي ...
تعلمينَ أنَّني لازلتُ أحِبُّكِ ..
وأعشقُكِ جدَّاً ..
لكنْ كيفَ أنجو ..
هلْ تورَّطتُ ..؟
هلْ لبِسْتُ الغيابَ لدهرينِ ..
هلْ للفُراقِ نبوءةٌ ..
أمْ هوَ مِقصلةٌ ..
لَكَمِ الفُراقُ ماكرٌ ..!
ستتَّسعُ مساحةُ العِتابِ والخِصامِ ..
يَقوىٰ ساعدُ اللوعةِ ..
يَتمادىٰ تَساقُطُ البُكاءِ ..
يَملأُ الغيومَ ..
 وأنتظرُ أنا حتَّىٰ ترضىٰ حبيبَتي ....
من ديواني الرَّابع : نساءٌ من شمعٍ

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق