موسوعة شعراء العربية
المجلد السادس \ الجزء الثاني
شعراء العربية في الاندلس
بقلم د. فالح الكيلاني
( الشاعرأبو الحسن بن حريق الاندلسي )
هو ابو الحسن علي بن احمد بن محمد بن سلمة بن حريق المخزومي البلنسي. شاعر واديب . كان عالماً بالأدب، من أهل بلنسية .
ولد بمدينة ( بلنسية ) سنة 557 هجرية - 1156 ميلادية و نشأ فيها ودرس واكتمل علمه فيها حتى اصبح شاعرا مجيدا قيل له (شاعربلنسية ) واديبا متبحرا في اللغة والادب . وهب لسانه لساحة الحرب لم يترك ملكًا ولا وزيرًا ولا قائدًا حربيًا إلا وأقام علاقات ودية معهم؛ لأنه صار شاعر دولة ذا مكانة ونفوذ, يستحث كل من بيده أمر بلاده أن يحميها،ويصونها من بطش أي عدو ،حيث أصبح الحث على إعداد العدة لملاقاة العدو ، والفرح والبشر بالظفر عليه مهمة لازمة لكل شاعر فربَّ كلمةٍ أقوى من أسلحة كثيرة ، وشاعرنا ابن حريق من هؤلاء الشعراء الذين وهبوا سلاح الكلمة مدافعين عن بلادهم وقد عاش في مدينة بلنسية ،وعبًر في أشعاره عن حبه لها وإخلاصه في الدفاع عنها .
في فصل أحداث معركة ( الأرك) سنة591 هجرية التي نال بها الأندلسيون الظفر العظيم بفضل الموحدين وبسالة إمامهم أبي يوسف، فقد أعد لهم جيشًا فاتحًا يملؤه الهمة والعزيمة لإحراز النصر، ونصرة الدين، وجهزه بكل وسائل القتال التي تفتك بالأعداء، فكان يومًا عظيمًا اجتمعت فيه كل أسباب النصر.
فيه يقول مادحًا ابن تاشفين :
كُلَّمَا سَدّدَ رَامٍ سهمها
عاد في لبَّته مُنتكسا
ورماح خالطت أحشاءهم
عَانَقُوا مِنْهَا قُدُودًا مُيَّسا
فانْثَنَوْا بَعْدَ مِصاعٍ صَادِقٍ
كَسَّرَ الدَّرْعَ وَفَضَّ الْقَوْنَسَا
غَادَرُوا بِالأَرْكِ مِنْ قَتْلاَهُمُ
مَوْعِظاتٍ لِسِوَاهُمْ وَأُسَى
وَلَقَوْا في حِصْنِهَا مُمْتَنَعًا
رَيْثَمَا يَسْتَرْجِعْونَ النَّفَسَا
مَعْقلٌ قَالَ لَهُ النَّصْرُ أَلاَ
كُنْ عِقَالاً لَهُمُ أَوْ مَحْبِسَا
و مدح ابن حريق الموحدين في دفاعهم عن معاقل المسلمين وصدِّ العدوان عنها، حيث لبست الأندلس ثوب الانتصار في معركة( الأرك) التي خسر الأعداء الكثير من الجند بعد ان انتابهم الهلع فلم يجدوا مفرًا من الهرب.فمدح ابن حريق الملك الموحدي (أبا يحيى الموحدي) الذي حمى الثغور من فتك أعدائه بقوله:
لِتَتِهْ بَلَنْسِيَةٌ بِسَيِّدِهَا الذي
حَاطَ الثُّغُورَ دِفَاعُهُ وَغَنَاؤُهُ
يَرْقى فَيَشْفِى الثَّغْرَ منْ لَمَمِ الْعِدا
إِ لْمَامُهُ فَجِوارُهُ وَنِداؤُهُ
وكذلك مدح ابن حريق القائد (أبا الربيع بن سليمان) فوصفه بالقائد الشجاع الذي يخرج كالأسد من عرينه يحمي ويدافع عن الثغور،وقد أضحت للقادة مكانة عظيمة فهم حماة البلاد الذين يسعون لحماية الاندلس من السقوط بايدي الاعداء قائلا :
"وَأُذْهلَتِ الْمَرَاضِعُ عَنْ بَنِيهَا "
وَأُنْسِىَ أَمَّهُ الضَّرْعَ التَّبِيعُ
رَعَى أَمْرَ الثُّغورِ فَلاَ قُلُوبٌ
تُخالِفُهُ وَلاَ مَالٌ يَضِيعُ
وَلَكن مِنّة لِلّهِ عَمَّتْ
وَأَعْلَنَ شكْرَهَا الْمَلأُ الْجَمِيعُ
وَمَنْ يَجْحَدْ فَمَا حُرِمَ اصْطِنَاعًا
وَلَكِنْ رُبَّمَا خَابَ الصَّنِيعُ
إِذ اسْتشرى سَطَا ليثٌ هَصورٌ
وَإنْ أَعْطَى هَمَى غَيْثٌ هَمُوعُ
تَسَرْبَلَ مِنْ مَهَابِتهِ دِلاَصًا
يُفَلّ بِهَا السُّرَيْجِىُّ الصَّنيعُ
توفي الشاعر ابن حريق البلنسي سنة\ 626 هجرية \ 1225 ميلادية في مدينة بلنسية مسقط راسه .
ابدع الشاعر في فنون الشعر المختلفة كالمدح والفخر كما مر بنا وكذلك برع بالغزل والوصف وفنون الشعر الاخرى فنجده يشكو من صدود محبوبه، وقوة تمكنه وصلابته على الرغم من حرقة الاشتياق لدى الشاعر بقوله:
يا قريب النِّفار غير قريب
وبعيد الوصال غير بعيد
ما رأينا من قبل جسمك جِسما
من لُجينٍ وقلبه من حديد
أتَّقِى أن يذوب من جانبيه
حين يمشى تثاقلا بالبرود
أتُرى إن قضيت فيك اشتياقا
أتُصلِّى على غريب شهيد
ويناجي مدينته الحبيبة إلى قلبه ( بلنسية ) مستحثًا لها على عنايتها به بقوله:
وما كنت لولا أنت إلا مُزمما
ركابي مُثيرا بَلَنْسِية رحْلي
ومُستبدلا أهلا سواها ومنزلا
وإن كان فيها منزلي وبها أهلي
ونلاحظ في شعره المحسنات البديعية بالتشبيه و الترصيع كانما يعزف على وتر او جرس نغمي لالفاظ الحروف والكلمات فيكسبها جمالا وبداعة وروعة فهو شاعر متمكن و مجيد .
واختم بحثي بهذه القصيدة الرائعة له فيقول :
بَهاؤُه يَرتَاعُ مِنهُ مَسيرُه ومُقامُهُ
وَيَضيقُ عنه أمامُهُ وَوَراؤُهُ
وَيَكَادُ يَستَلِبُ الخَوَاطِرَ حُسنُهُ
وَيَكَادُ يَختَطِفُ العُيُونَ ضِيَاؤُهُ
وَإذَا الأَهِلّةُ عُيّرَت لِمُحاقِها
أَرضَى وزَادَ كَمالُه وَنَماؤُهُ
يَرقي فَيَشفِي الثَّغرَ مِن لَمَمِ العِدا
إلمَامُهُ فَجِوارُهُ وَنِداؤُهُ
يُزهَى بهِ بَلَدٌ حَوَاهُ لأنَّهُ
تَجلُو غياهِبَ لَيلِهِ لألأُؤُهُ
فَتَبينُ في أَقطارِهِ أَوصافُه
وَتَفيضُ في أَرجائِهِ نَعماؤهُ
وَيُطيلُ سُورَ النَّصرِ فِيهِ مُؤَيَّدٌ
تُغنِيهِ عن أسوَارِهِ آراؤُهُ
مُتَبِّرِّعٌ يُعطي الخِيَارَ عُفَاتَهُ
فَكَأنَّهُم فِي مَالِهِ شُرَكَاؤُهُ
يا ابنَ الإِمَامَينِ اللّذَينِ إِلَيهِمَا
نُسِبَ الفَخارُ نِجَارُهُ وَوَلاؤُهُ
النّاصِبَينَ عَلَى الهُدَى أعلامَهُ
حَتّى تَبيّنَ قَصدُه وَسَوَاؤُه
وأخا الإِمامِ خَلِيفَةِ اللهِ الَّذِي
أدَّى إلَيهِ مَا رَعَت خُلَفاؤُهُ
وَسِعَ البَرِيَّةَ عَدلُهُ وَاستَوسَقَت
لِغَنِّيهِم وَفَقِيرِهِم لآلاؤُهُ
كُفلاءُ نَصرِ الحَقِّ هُم أحلافُهُ
وحُمَاةُ حَوزَتِهِ وَهُم أُمَنَاؤُهُ
أبنَاءُ إسمَاعِيلَ فِيهِم عَهدُهُ
باقٍ وَصَادِقُ وَعدِهِ وَوَفَاؤُهُ
مِن قَيسِ عَيلانٍ وَمَا أدرَاكَ مَا
قَيسٌ سَنَا دِين الهُدَى وَسَنَاؤُهُ
رَبّوه منتشئاً فَهُم آباؤُهُ
وَرَعَوهُ مُكتَهِلاً فَهُم أبنَاؤُهُ
وَعَلَيهِمُ حَتَّى القِيَامَةِ نصرُهُ
وَلَدَيهِم رَايَاتُهُ وَلِوَاؤُهُ
وَهُم الَّذينَ يُقَاتِلُونَ عُداتَهُ
حَتَّى تَذِلّ لِعِزِّه أعدَارُهُ
وهُمُ استَرَدّوا رُوحَه مِن بَعدِمَا
أشفَى عَلَى الحَيَاةِ ذَماؤُهُ
فَالدّينُ مَعصوبٌ عَلَيهِ تَاجُهُ
شَرَفاً وَمُنسَدِلٌ عَلَيهِ رِدَاؤُهُ
وَدَعَائِمُ التَّوحِيدِ سَامِيَةُ البِنا
وَالشِّركُ قَد أهوَى وَخرّ بِنَاؤُهُ
نَفسَ العَدُوِّ وَأرضَهُ أَو هَزمَهُ
تَبغُونَ لا نَعَمُ العَدُوِّ وشاؤُهُ
فَإِذَا أطَاعَكُمُ فَأنتُم سَعدُهُ
وَإِذَا تأَبّى فَالإِبَاءُ شَقَاؤُهُ
وَلَدَيكُمُ بِالمَشرَفِيّ دَوَاؤُهُ
مَهمَا تَتَابَعَ في الضلالَةِ دَاؤُهُ
تُغوِيهِ كَثرَةُ قَضَةِ وقَضِيضِهِ
وتمدّهُ فِي غيّهِ غَوغَاؤُه
هَيهَاتَ لا يَثنِي بِذَلِكَ عَزمَكُم
فَالسَّيلُ أهوَنُ مَا عَلَيهش غُثَاؤُهُ
أيَصُدّ أمر اللهِ عَنكُم فِي الّذي
يَختارُهُ مِن نَصرِكُم وَيَشَاؤُهُ
أرخَى لَه طولَ المُنَى إِمهَالُكُم
كَيما يَفِيءَ بِغمرِهِ إِرخَاؤُهُ
فَرًمَت لَجاجَتُه بِهِ في لُجّةٍ
وَهَوَت بِهِ مِن حالِقٍ أهوَاؤُهُ
أيَصُدّ أمر اللهِ عَنكُم فِي الّذي
يَختارُهُ مِن نَصرِكُم وَيَشَاؤُهُ
أرخَى لَه طولَ المُنَى إِمهَالُكُم
كَيما يَفِيءَ بِغمرِهِ إِرخَاؤُهُ
فَرًمَت لَجاجَتُه بِهِ في لُجّةٍ
وَهَوَت بِهِ مِن حالِقٍ أهوَاؤُهُ
أمهَلتُمُوهُ لِيَومِهِ وَغدا لَكُم
عَيناً عَلَيه صَبَاحُهُ وَمَسَاؤُهُ
وَلَقَد نَروعُ أذَى الخُطوبِ وَصَرفَهَا
بِكَ رَوعَةَ الهِندِيِّ حُدّ مَضَاؤُهُ
وَنَقُولُ لِلدُّنيَا بِصَوتٍ بَالِغٍ
أَسمَاعَ مَجدِكَ لَفظُهُ وَدُعَاؤُهُ
صُونِي أبَا يَحيَى لَنَا وَتَشَرّفِي
بِلِقَائِهِ مادَامَ فِيكِ بَقَاؤُهُ
فَهَناكَ عِيدٌ زَانَ قَصرَكَ جَالِباً
وَفدَ البَشَائِرِ وَفدُهُ ولقاؤهُ
وَإلَيكَهَا مِن عَبدٍ قِنٍّ شَاكِرٍ
ما إِن يغِبُّكَ حَمدُهُ وَثَنَاؤُهُ
أهدَى الصّحيفَةَ بالقَرِيضِ وَوَدّ لَو
كانَت مكان سُطورِها حَوبَاؤُهُ
اميرالبيـــــــــان العربي
د فالح نصيف الحجية الكيلاني
العراق- ديالى - بلدروز
************
المجلد السادس \ الجزء الثاني
شعراء العربية في الاندلس
بقلم د. فالح الكيلاني
( الشاعرأبو الحسن بن حريق الاندلسي )
هو ابو الحسن علي بن احمد بن محمد بن سلمة بن حريق المخزومي البلنسي. شاعر واديب . كان عالماً بالأدب، من أهل بلنسية .
ولد بمدينة ( بلنسية ) سنة 557 هجرية - 1156 ميلادية و نشأ فيها ودرس واكتمل علمه فيها حتى اصبح شاعرا مجيدا قيل له (شاعربلنسية ) واديبا متبحرا في اللغة والادب . وهب لسانه لساحة الحرب لم يترك ملكًا ولا وزيرًا ولا قائدًا حربيًا إلا وأقام علاقات ودية معهم؛ لأنه صار شاعر دولة ذا مكانة ونفوذ, يستحث كل من بيده أمر بلاده أن يحميها،ويصونها من بطش أي عدو ،حيث أصبح الحث على إعداد العدة لملاقاة العدو ، والفرح والبشر بالظفر عليه مهمة لازمة لكل شاعر فربَّ كلمةٍ أقوى من أسلحة كثيرة ، وشاعرنا ابن حريق من هؤلاء الشعراء الذين وهبوا سلاح الكلمة مدافعين عن بلادهم وقد عاش في مدينة بلنسية ،وعبًر في أشعاره عن حبه لها وإخلاصه في الدفاع عنها .
في فصل أحداث معركة ( الأرك) سنة591 هجرية التي نال بها الأندلسيون الظفر العظيم بفضل الموحدين وبسالة إمامهم أبي يوسف، فقد أعد لهم جيشًا فاتحًا يملؤه الهمة والعزيمة لإحراز النصر، ونصرة الدين، وجهزه بكل وسائل القتال التي تفتك بالأعداء، فكان يومًا عظيمًا اجتمعت فيه كل أسباب النصر.
فيه يقول مادحًا ابن تاشفين :
كُلَّمَا سَدّدَ رَامٍ سهمها
عاد في لبَّته مُنتكسا
ورماح خالطت أحشاءهم
عَانَقُوا مِنْهَا قُدُودًا مُيَّسا
فانْثَنَوْا بَعْدَ مِصاعٍ صَادِقٍ
كَسَّرَ الدَّرْعَ وَفَضَّ الْقَوْنَسَا
غَادَرُوا بِالأَرْكِ مِنْ قَتْلاَهُمُ
مَوْعِظاتٍ لِسِوَاهُمْ وَأُسَى
وَلَقَوْا في حِصْنِهَا مُمْتَنَعًا
رَيْثَمَا يَسْتَرْجِعْونَ النَّفَسَا
مَعْقلٌ قَالَ لَهُ النَّصْرُ أَلاَ
كُنْ عِقَالاً لَهُمُ أَوْ مَحْبِسَا
و مدح ابن حريق الموحدين في دفاعهم عن معاقل المسلمين وصدِّ العدوان عنها، حيث لبست الأندلس ثوب الانتصار في معركة( الأرك) التي خسر الأعداء الكثير من الجند بعد ان انتابهم الهلع فلم يجدوا مفرًا من الهرب.فمدح ابن حريق الملك الموحدي (أبا يحيى الموحدي) الذي حمى الثغور من فتك أعدائه بقوله:
لِتَتِهْ بَلَنْسِيَةٌ بِسَيِّدِهَا الذي
حَاطَ الثُّغُورَ دِفَاعُهُ وَغَنَاؤُهُ
يَرْقى فَيَشْفِى الثَّغْرَ منْ لَمَمِ الْعِدا
إِ لْمَامُهُ فَجِوارُهُ وَنِداؤُهُ
وكذلك مدح ابن حريق القائد (أبا الربيع بن سليمان) فوصفه بالقائد الشجاع الذي يخرج كالأسد من عرينه يحمي ويدافع عن الثغور،وقد أضحت للقادة مكانة عظيمة فهم حماة البلاد الذين يسعون لحماية الاندلس من السقوط بايدي الاعداء قائلا :
"وَأُذْهلَتِ الْمَرَاضِعُ عَنْ بَنِيهَا "
وَأُنْسِىَ أَمَّهُ الضَّرْعَ التَّبِيعُ
رَعَى أَمْرَ الثُّغورِ فَلاَ قُلُوبٌ
تُخالِفُهُ وَلاَ مَالٌ يَضِيعُ
وَلَكن مِنّة لِلّهِ عَمَّتْ
وَأَعْلَنَ شكْرَهَا الْمَلأُ الْجَمِيعُ
وَمَنْ يَجْحَدْ فَمَا حُرِمَ اصْطِنَاعًا
وَلَكِنْ رُبَّمَا خَابَ الصَّنِيعُ
إِذ اسْتشرى سَطَا ليثٌ هَصورٌ
وَإنْ أَعْطَى هَمَى غَيْثٌ هَمُوعُ
تَسَرْبَلَ مِنْ مَهَابِتهِ دِلاَصًا
يُفَلّ بِهَا السُّرَيْجِىُّ الصَّنيعُ
توفي الشاعر ابن حريق البلنسي سنة\ 626 هجرية \ 1225 ميلادية في مدينة بلنسية مسقط راسه .
ابدع الشاعر في فنون الشعر المختلفة كالمدح والفخر كما مر بنا وكذلك برع بالغزل والوصف وفنون الشعر الاخرى فنجده يشكو من صدود محبوبه، وقوة تمكنه وصلابته على الرغم من حرقة الاشتياق لدى الشاعر بقوله:
يا قريب النِّفار غير قريب
وبعيد الوصال غير بعيد
ما رأينا من قبل جسمك جِسما
من لُجينٍ وقلبه من حديد
أتَّقِى أن يذوب من جانبيه
حين يمشى تثاقلا بالبرود
أتُرى إن قضيت فيك اشتياقا
أتُصلِّى على غريب شهيد
ويناجي مدينته الحبيبة إلى قلبه ( بلنسية ) مستحثًا لها على عنايتها به بقوله:
وما كنت لولا أنت إلا مُزمما
ركابي مُثيرا بَلَنْسِية رحْلي
ومُستبدلا أهلا سواها ومنزلا
وإن كان فيها منزلي وبها أهلي
ونلاحظ في شعره المحسنات البديعية بالتشبيه و الترصيع كانما يعزف على وتر او جرس نغمي لالفاظ الحروف والكلمات فيكسبها جمالا وبداعة وروعة فهو شاعر متمكن و مجيد .
واختم بحثي بهذه القصيدة الرائعة له فيقول :
بَهاؤُه يَرتَاعُ مِنهُ مَسيرُه ومُقامُهُ
وَيَضيقُ عنه أمامُهُ وَوَراؤُهُ
وَيَكَادُ يَستَلِبُ الخَوَاطِرَ حُسنُهُ
وَيَكَادُ يَختَطِفُ العُيُونَ ضِيَاؤُهُ
وَإذَا الأَهِلّةُ عُيّرَت لِمُحاقِها
أَرضَى وزَادَ كَمالُه وَنَماؤُهُ
يَرقي فَيَشفِي الثَّغرَ مِن لَمَمِ العِدا
إلمَامُهُ فَجِوارُهُ وَنِداؤُهُ
يُزهَى بهِ بَلَدٌ حَوَاهُ لأنَّهُ
تَجلُو غياهِبَ لَيلِهِ لألأُؤُهُ
فَتَبينُ في أَقطارِهِ أَوصافُه
وَتَفيضُ في أَرجائِهِ نَعماؤهُ
وَيُطيلُ سُورَ النَّصرِ فِيهِ مُؤَيَّدٌ
تُغنِيهِ عن أسوَارِهِ آراؤُهُ
مُتَبِّرِّعٌ يُعطي الخِيَارَ عُفَاتَهُ
فَكَأنَّهُم فِي مَالِهِ شُرَكَاؤُهُ
يا ابنَ الإِمَامَينِ اللّذَينِ إِلَيهِمَا
نُسِبَ الفَخارُ نِجَارُهُ وَوَلاؤُهُ
النّاصِبَينَ عَلَى الهُدَى أعلامَهُ
حَتّى تَبيّنَ قَصدُه وَسَوَاؤُه
وأخا الإِمامِ خَلِيفَةِ اللهِ الَّذِي
أدَّى إلَيهِ مَا رَعَت خُلَفاؤُهُ
وَسِعَ البَرِيَّةَ عَدلُهُ وَاستَوسَقَت
لِغَنِّيهِم وَفَقِيرِهِم لآلاؤُهُ
كُفلاءُ نَصرِ الحَقِّ هُم أحلافُهُ
وحُمَاةُ حَوزَتِهِ وَهُم أُمَنَاؤُهُ
أبنَاءُ إسمَاعِيلَ فِيهِم عَهدُهُ
باقٍ وَصَادِقُ وَعدِهِ وَوَفَاؤُهُ
مِن قَيسِ عَيلانٍ وَمَا أدرَاكَ مَا
قَيسٌ سَنَا دِين الهُدَى وَسَنَاؤُهُ
رَبّوه منتشئاً فَهُم آباؤُهُ
وَرَعَوهُ مُكتَهِلاً فَهُم أبنَاؤُهُ
وَعَلَيهِمُ حَتَّى القِيَامَةِ نصرُهُ
وَلَدَيهِم رَايَاتُهُ وَلِوَاؤُهُ
وَهُم الَّذينَ يُقَاتِلُونَ عُداتَهُ
حَتَّى تَذِلّ لِعِزِّه أعدَارُهُ
وهُمُ استَرَدّوا رُوحَه مِن بَعدِمَا
أشفَى عَلَى الحَيَاةِ ذَماؤُهُ
فَالدّينُ مَعصوبٌ عَلَيهِ تَاجُهُ
شَرَفاً وَمُنسَدِلٌ عَلَيهِ رِدَاؤُهُ
وَدَعَائِمُ التَّوحِيدِ سَامِيَةُ البِنا
وَالشِّركُ قَد أهوَى وَخرّ بِنَاؤُهُ
نَفسَ العَدُوِّ وَأرضَهُ أَو هَزمَهُ
تَبغُونَ لا نَعَمُ العَدُوِّ وشاؤُهُ
فَإِذَا أطَاعَكُمُ فَأنتُم سَعدُهُ
وَإِذَا تأَبّى فَالإِبَاءُ شَقَاؤُهُ
وَلَدَيكُمُ بِالمَشرَفِيّ دَوَاؤُهُ
مَهمَا تَتَابَعَ في الضلالَةِ دَاؤُهُ
تُغوِيهِ كَثرَةُ قَضَةِ وقَضِيضِهِ
وتمدّهُ فِي غيّهِ غَوغَاؤُه
هَيهَاتَ لا يَثنِي بِذَلِكَ عَزمَكُم
فَالسَّيلُ أهوَنُ مَا عَلَيهش غُثَاؤُهُ
أيَصُدّ أمر اللهِ عَنكُم فِي الّذي
يَختارُهُ مِن نَصرِكُم وَيَشَاؤُهُ
أرخَى لَه طولَ المُنَى إِمهَالُكُم
كَيما يَفِيءَ بِغمرِهِ إِرخَاؤُهُ
فَرًمَت لَجاجَتُه بِهِ في لُجّةٍ
وَهَوَت بِهِ مِن حالِقٍ أهوَاؤُهُ
أيَصُدّ أمر اللهِ عَنكُم فِي الّذي
يَختارُهُ مِن نَصرِكُم وَيَشَاؤُهُ
أرخَى لَه طولَ المُنَى إِمهَالُكُم
كَيما يَفِيءَ بِغمرِهِ إِرخَاؤُهُ
فَرًمَت لَجاجَتُه بِهِ في لُجّةٍ
وَهَوَت بِهِ مِن حالِقٍ أهوَاؤُهُ
أمهَلتُمُوهُ لِيَومِهِ وَغدا لَكُم
عَيناً عَلَيه صَبَاحُهُ وَمَسَاؤُهُ
وَلَقَد نَروعُ أذَى الخُطوبِ وَصَرفَهَا
بِكَ رَوعَةَ الهِندِيِّ حُدّ مَضَاؤُهُ
وَنَقُولُ لِلدُّنيَا بِصَوتٍ بَالِغٍ
أَسمَاعَ مَجدِكَ لَفظُهُ وَدُعَاؤُهُ
صُونِي أبَا يَحيَى لَنَا وَتَشَرّفِي
بِلِقَائِهِ مادَامَ فِيكِ بَقَاؤُهُ
فَهَناكَ عِيدٌ زَانَ قَصرَكَ جَالِباً
وَفدَ البَشَائِرِ وَفدُهُ ولقاؤهُ
وَإلَيكَهَا مِن عَبدٍ قِنٍّ شَاكِرٍ
ما إِن يغِبُّكَ حَمدُهُ وَثَنَاؤُهُ
أهدَى الصّحيفَةَ بالقَرِيضِ وَوَدّ لَو
كانَت مكان سُطورِها حَوبَاؤُهُ
اميرالبيـــــــــان العربي
د فالح نصيف الحجية الكيلاني
العراق- ديالى - بلدروز
************
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق