أرواح العصافير
أمّي تراقبني بسعادة وهي تخبز، بينما ألهو بالقرب منها، كنت منهمكا في في صناعة النّقاف، لقد استهلك من عمري الغضّ أسبوعا كاملا.
ملأت جيبي بالحصى المنتقاة، ووضعت قرب جذع شجرة التّين زجاجة كهدف للرّمي عليه.
رجعت إلى الوراء عشر خطوات وبدأت الرّمي، استهلكت نصف الحصى ولم أصب الهدف! أمّي تخبز وتبتسم، صاحت:
عبد الصّبور، اقترب من الهدف أكثر.
فاقتربت خمس خطوات دفعة واحدة، ومع ذلك لم أصبه! فقالت: ضع هدفا أكبر.
قلت: أمّي، أنا صيّاد ماهر، انظري كيف سأردي العصفور في أعلى الشّجرة! وأطلقت عليه، فاصطدمت الحصاة بجسده الرّقيق، وسقط من أعلى الشّجرة كمصيبة على رأسي!
وقفت فوقه مذهولا أنظر كيف يرفرف بجناحيه وهو ينازع خروج روحه!
شعرت بدم ساخن كالماء المغليّ يجري في عروقي، وقلبي يخفق بسرعة كقطار في منحدر، ولم أعد أرى بعينيّ!
انفجرت باكيا، وصحت بصوت مختنق:
أمي ي ي ي ...!
ظنّت أمّي أنّ مكروها أصابني، فتركت الخبز وجاءت مسرعة لترى العصفور في كفّي الصّغير ورأسه يلوّح كيد مسافر ..!
سألتها بلهفة: من أين تخرج أرواح العصافير؟
قالت: لا أعلم، ربّما من مناقيرها!
فوضعتُ منقار العصفور في فمي، أنفخ قليلا، ثمّ أنظر إليه، هل عادت روحه؟! ولكن دون جدوى ...!
قالت أمّي مشفقة:
يا بني، لقد نام العصفور! فقلت: بل مات!
فقالت: حسن، خذ قطعة القماش هذه، لفه بها وادفنه تحت الشّجرة.
جلست ساعة من زمن أبكي على قبره، وأمّي تعزّيني وتقول: هو في الجنّة الآن
فأقول: كيف هو في الجنة وقد دفنته تحت التّراب!؟
فقالت: روحه في الجنة يا بني.
لم أفهم ما تقول، ولكنّني وجدتُ ما قالت مخرجا من ورطتي!
حملتُ النّقاف ووضعته في التّنور لتأكله النّار، ثمّ جلست في زاوية الغرفة كقطّ مذنب تائب!
لم أتذوّق الطّعام لثلاثة أيّام إلا كرها، حتّى صار وجهي شاحبا.
قالت لي أمّي وهي تمسح رأسي:
سيغفر الله لك، لأنّك لم تكن تقصد، بشرط ألا تعود لما فعلت، وإن أنت أطعمت العصافير لوجه الله.
قال لي ولدي الصّغير:
أبي، لماذا تضع نتف الخبز للعصافير كلّ يوم؟
قلت: ليغفر الله لي يا بنيّ، ليغفر الله لي!
أمّي تراقبني بسعادة وهي تخبز، بينما ألهو بالقرب منها، كنت منهمكا في في صناعة النّقاف، لقد استهلك من عمري الغضّ أسبوعا كاملا.
ملأت جيبي بالحصى المنتقاة، ووضعت قرب جذع شجرة التّين زجاجة كهدف للرّمي عليه.
رجعت إلى الوراء عشر خطوات وبدأت الرّمي، استهلكت نصف الحصى ولم أصب الهدف! أمّي تخبز وتبتسم، صاحت:
عبد الصّبور، اقترب من الهدف أكثر.
فاقتربت خمس خطوات دفعة واحدة، ومع ذلك لم أصبه! فقالت: ضع هدفا أكبر.
قلت: أمّي، أنا صيّاد ماهر، انظري كيف سأردي العصفور في أعلى الشّجرة! وأطلقت عليه، فاصطدمت الحصاة بجسده الرّقيق، وسقط من أعلى الشّجرة كمصيبة على رأسي!
وقفت فوقه مذهولا أنظر كيف يرفرف بجناحيه وهو ينازع خروج روحه!
شعرت بدم ساخن كالماء المغليّ يجري في عروقي، وقلبي يخفق بسرعة كقطار في منحدر، ولم أعد أرى بعينيّ!
انفجرت باكيا، وصحت بصوت مختنق:
أمي ي ي ي ...!
ظنّت أمّي أنّ مكروها أصابني، فتركت الخبز وجاءت مسرعة لترى العصفور في كفّي الصّغير ورأسه يلوّح كيد مسافر ..!
سألتها بلهفة: من أين تخرج أرواح العصافير؟
قالت: لا أعلم، ربّما من مناقيرها!
فوضعتُ منقار العصفور في فمي، أنفخ قليلا، ثمّ أنظر إليه، هل عادت روحه؟! ولكن دون جدوى ...!
قالت أمّي مشفقة:
يا بني، لقد نام العصفور! فقلت: بل مات!
فقالت: حسن، خذ قطعة القماش هذه، لفه بها وادفنه تحت الشّجرة.
جلست ساعة من زمن أبكي على قبره، وأمّي تعزّيني وتقول: هو في الجنّة الآن
فأقول: كيف هو في الجنة وقد دفنته تحت التّراب!؟
فقالت: روحه في الجنة يا بني.
لم أفهم ما تقول، ولكنّني وجدتُ ما قالت مخرجا من ورطتي!
حملتُ النّقاف ووضعته في التّنور لتأكله النّار، ثمّ جلست في زاوية الغرفة كقطّ مذنب تائب!
لم أتذوّق الطّعام لثلاثة أيّام إلا كرها، حتّى صار وجهي شاحبا.
قالت لي أمّي وهي تمسح رأسي:
سيغفر الله لك، لأنّك لم تكن تقصد، بشرط ألا تعود لما فعلت، وإن أنت أطعمت العصافير لوجه الله.
قال لي ولدي الصّغير:
أبي، لماذا تضع نتف الخبز للعصافير كلّ يوم؟
قلت: ليغفر الله لي يا بنيّ، ليغفر الله لي!
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق