عَبَقُ الصَّنَوبَرِ ...
بقلم: الشَّاعر إحسان الخوري
بقلم: الشَّاعر إحسان الخوري
تَحْتَ سَماءِ خَريفِ الأَرْزِ ..
حيثُ تتوارىٰ الشَّمسُ الخَجولةُ ..
خلفَ الغُيومِ الفَزِعَةِ ..
الهَارِبَةِ المَجنونَةِ ..
والحَائِرةِ ..
كُنتُ أجلسُ وحيداً عندَ الأرزِ ..
أُفَكِّرُ ..
فَذَرقَ طائِرٌ وَجِلٌ علىٰ مِعْطَفي ..
ضَحِكَتْ النَّادِلةُ ..
زبائنُ المَشْرَبِ كانوا قدْ غادَروا ..
قبلَ أنْ يَمُرَّ الطَّائِرُ بِزَمَنينِ ..
منْ يَعلمُ مَصيرَهُ حينَ يَتدافعُ المَطرُ ...!!
الشَّراشِفُ البيضاءُ تُشبِهُ الأكفانَ ..
الطَّاوِلةُ مِثلُ التَّابوتِ ..
والليلُ يَقترِبُ من عُمقِ الظَّلامِ ...
رَغمَ ذلكَ ..
سَأستيقظُ في الصَّباحِ ..
أسمَعُ أغاني فَيروزَ ..
وأمضي لِمَصيري في الحَيِّزِ الكبيرِ ...
مضىٰ بعدَها يومانِ ..
صباحُ الحبِّ ..
قالَتْ حَبيبَتي وهيَ تَتَفرَّسُني ..
أجَبْتُها بِابتسامةِ الشَّوقِ ..
صَباحُكِ عَبقُ الصَّنوبرِ ..
ثمَّ هَطلتْ السَّماءُ علىٰ عَجلٍ ..
طَفَقَتْ المَتاهَةُ تَعملُ ..
لمْ يتَوقَّفْ المطرُ طِيلةَ السَّاعاتِ ..
ضاعَ كلٌّ مِنَّا في مَتاهتِهِ ..
كَما ضاعَ الصَّباحُ تحتَ هَديرِ الوابِلِ ...
شجرةُ الكستَناءِ تلكَ العَجوزُ ..
يسكُنُ تحتَها سِنجابٌ منذُ شُهورٍ ..
كنتُ أتسابقُ معَهُ على جمعِ الكستَناءِ ...
أخبَرَنا الحارسُ أنَّهُ شاهدَ حيَّةً ..
حيَّةً كبيرةً خلفَ الشَّجرةِ ....
وغادرَتْ الأيامُ مع الحارسِ ..
حتَّىٰ جاءَ صَباحٌ من الاصبَاحِ ..
رأينا الحيَّةَ تتدلَّىٰ علىٰ الأغصانِ ..
غَمَزْتُ حبيبَتي بِفِكرةِ التَعرِّي ..
نأخُذُ صورةً مِثلَ آدمَ وحَوَّاءَ ..
ولمْ يكنْ بِالمكانِ غيرُ الثَّلاثةِ ...
دارَتْ عجلةُ الزَّمنِ ..
غابتْ الحيَّةُ ..
جاءَ الحارِسُ ..
كانَ الوقتُ مُتأخِّراً قُربَ الغُروبِ ..
قالَتْ حبيبَتي ..
وصلَ الحارسُ ليُعاقِرَ كأسَ النَّبيذِ ..!!
ويرىٰ بحراً ومَوجَهُ من البَعيدِ ..
وتُمسي الغابةُ كمَركَبِ السَّكرانِ ....
فَتَرَكتُ مُخَيِّلَتي لِلمَوجِ والبَحرِ ..
غُصْتُ في عُمْقِ البَحرِ المُفتَرَضِ ..
صُخوراً بِلونِ الدِّماءِ ..
عَناقيداً من عَقيقِ البَحرِ ..
ساكِنةً منذُ قَرنَينِ في الأعماقِ ..
والحِيْتانِ تَهربُ من الشِبَاكِ ..
بينَما الغَسَقُ يَرسمُ حُمْرَةَ المَاءِ ....
لَمْ أخَفْ..
لَمْ أعدْ أرىٰ السُفُنَ ..
رَغمَ ذلكَ ..
حَمَلَني الماءُ إلىٰ ما كُنتُ أحلُمُ ...
حوريَّةٍ تسبحُ في الليلِ ..
تَنسُجُ من خيوطِ الماءِ رَغَباتي ..
وتَنْثُرُ عِطرَها علىٰ جَسدي ...
فتَوارَيتُ خَجِلاً خلفَ الصَّنوبرةِ ..
عِندَ أكَمةٍ تَنفُثُ الدُّخانَ المُلوَّنَ ..
رأيْتُ صُخوراً ...
نُحِتَتْ بِأحرُفٍ من الياقوتِ والزُّمرُّدِ ..
قبلَ أن يأتي الإنسانُ ..
الإنسانُ الَّذي شَعرُهُ من ذَهَبٍ ..
الَّذي فَتَّتَ الصَّخرَ ..
وأبادَ أجدادي في الحربِ الجَائِرةِ ..
علىٰ إيقاعِ القَصفِ والمُتفجِّراتِ ..
بِما يُشبِهُ حُلُماً من جَسَدٍ وريشٍ ....
الفاتِحُ الذَّهبيُّ جاءَ عِبرَ المُحيطاتِ ..
أغرَقَ العربَ ..
ماتوا ..
وقالَ أنا المالِكُ للزَّمنِ العَتيدِ ....
هُنا رَبَّتَتْ حبيبَتي علىٰ كَتِفي ..
صَحَوتُ كالأبلَهِ ..
نَظَرتْ عَينايَ والعِشْقُ يأكُلُها ..
قَبَّلتْني ..
أطالَتْ ..
فرأيْتُ النُّجومَ تَدورُ حَولَنا في السَّماءِ ....
حيثُ تتوارىٰ الشَّمسُ الخَجولةُ ..
خلفَ الغُيومِ الفَزِعَةِ ..
الهَارِبَةِ المَجنونَةِ ..
والحَائِرةِ ..
كُنتُ أجلسُ وحيداً عندَ الأرزِ ..
أُفَكِّرُ ..
فَذَرقَ طائِرٌ وَجِلٌ علىٰ مِعْطَفي ..
ضَحِكَتْ النَّادِلةُ ..
زبائنُ المَشْرَبِ كانوا قدْ غادَروا ..
قبلَ أنْ يَمُرَّ الطَّائِرُ بِزَمَنينِ ..
منْ يَعلمُ مَصيرَهُ حينَ يَتدافعُ المَطرُ ...!!
الشَّراشِفُ البيضاءُ تُشبِهُ الأكفانَ ..
الطَّاوِلةُ مِثلُ التَّابوتِ ..
والليلُ يَقترِبُ من عُمقِ الظَّلامِ ...
رَغمَ ذلكَ ..
سَأستيقظُ في الصَّباحِ ..
أسمَعُ أغاني فَيروزَ ..
وأمضي لِمَصيري في الحَيِّزِ الكبيرِ ...
مضىٰ بعدَها يومانِ ..
صباحُ الحبِّ ..
قالَتْ حَبيبَتي وهيَ تَتَفرَّسُني ..
أجَبْتُها بِابتسامةِ الشَّوقِ ..
صَباحُكِ عَبقُ الصَّنوبرِ ..
ثمَّ هَطلتْ السَّماءُ علىٰ عَجلٍ ..
طَفَقَتْ المَتاهَةُ تَعملُ ..
لمْ يتَوقَّفْ المطرُ طِيلةَ السَّاعاتِ ..
ضاعَ كلٌّ مِنَّا في مَتاهتِهِ ..
كَما ضاعَ الصَّباحُ تحتَ هَديرِ الوابِلِ ...
شجرةُ الكستَناءِ تلكَ العَجوزُ ..
يسكُنُ تحتَها سِنجابٌ منذُ شُهورٍ ..
كنتُ أتسابقُ معَهُ على جمعِ الكستَناءِ ...
أخبَرَنا الحارسُ أنَّهُ شاهدَ حيَّةً ..
حيَّةً كبيرةً خلفَ الشَّجرةِ ....
وغادرَتْ الأيامُ مع الحارسِ ..
حتَّىٰ جاءَ صَباحٌ من الاصبَاحِ ..
رأينا الحيَّةَ تتدلَّىٰ علىٰ الأغصانِ ..
غَمَزْتُ حبيبَتي بِفِكرةِ التَعرِّي ..
نأخُذُ صورةً مِثلَ آدمَ وحَوَّاءَ ..
ولمْ يكنْ بِالمكانِ غيرُ الثَّلاثةِ ...
دارَتْ عجلةُ الزَّمنِ ..
غابتْ الحيَّةُ ..
جاءَ الحارِسُ ..
كانَ الوقتُ مُتأخِّراً قُربَ الغُروبِ ..
قالَتْ حبيبَتي ..
وصلَ الحارسُ ليُعاقِرَ كأسَ النَّبيذِ ..!!
ويرىٰ بحراً ومَوجَهُ من البَعيدِ ..
وتُمسي الغابةُ كمَركَبِ السَّكرانِ ....
فَتَرَكتُ مُخَيِّلَتي لِلمَوجِ والبَحرِ ..
غُصْتُ في عُمْقِ البَحرِ المُفتَرَضِ ..
صُخوراً بِلونِ الدِّماءِ ..
عَناقيداً من عَقيقِ البَحرِ ..
ساكِنةً منذُ قَرنَينِ في الأعماقِ ..
والحِيْتانِ تَهربُ من الشِبَاكِ ..
بينَما الغَسَقُ يَرسمُ حُمْرَةَ المَاءِ ....
لَمْ أخَفْ..
لَمْ أعدْ أرىٰ السُفُنَ ..
رَغمَ ذلكَ ..
حَمَلَني الماءُ إلىٰ ما كُنتُ أحلُمُ ...
حوريَّةٍ تسبحُ في الليلِ ..
تَنسُجُ من خيوطِ الماءِ رَغَباتي ..
وتَنْثُرُ عِطرَها علىٰ جَسدي ...
فتَوارَيتُ خَجِلاً خلفَ الصَّنوبرةِ ..
عِندَ أكَمةٍ تَنفُثُ الدُّخانَ المُلوَّنَ ..
رأيْتُ صُخوراً ...
نُحِتَتْ بِأحرُفٍ من الياقوتِ والزُّمرُّدِ ..
قبلَ أن يأتي الإنسانُ ..
الإنسانُ الَّذي شَعرُهُ من ذَهَبٍ ..
الَّذي فَتَّتَ الصَّخرَ ..
وأبادَ أجدادي في الحربِ الجَائِرةِ ..
علىٰ إيقاعِ القَصفِ والمُتفجِّراتِ ..
بِما يُشبِهُ حُلُماً من جَسَدٍ وريشٍ ....
الفاتِحُ الذَّهبيُّ جاءَ عِبرَ المُحيطاتِ ..
أغرَقَ العربَ ..
ماتوا ..
وقالَ أنا المالِكُ للزَّمنِ العَتيدِ ....
هُنا رَبَّتَتْ حبيبَتي علىٰ كَتِفي ..
صَحَوتُ كالأبلَهِ ..
نَظَرتْ عَينايَ والعِشْقُ يأكُلُها ..
قَبَّلتْني ..
أطالَتْ ..
فرأيْتُ النُّجومَ تَدورُ حَولَنا في السَّماءِ ....
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق