السبت، 3 سبتمبر 2016



الجُدران ...
بقلم: الشّاعر إحسان الخوري
عِندَ انهزامِ الشَّمسِ وقتَ الغُروبِ
وَفي أوَّلِ ليلةٍ وَدَدْتُها أن تكونَ معكِ
جلستُ قبلَ مجيءِ الظَّلامِ
أمامي أوراقي وقلمُ الرَّصاصِ ..
بعضٌ من قصائدِ نومِ الملائكةِ ..
أضرَمْتُ النَّارَ في غِليوني الخشبيَّ
أخذتُ نَفَساً عَميقاً كالمُعتادِ ..
رشفْتُ قَهوتي بالهالِ العابِقِ ...
دندنْتُ ألحانَ الزَّمنِ الجميلِ ...
وابتسمتُ بشبهِ أشكالِ الفرحِ ....
في دخانِ تبغي رِحتُ أرى تَقاسيمَكِ
جسدُكِ كان يتدلَّىٰ مُعلَّقاً بدُخاني
منحوتٌ من همسِ السماءِ ..
مُعَتَقٌ بألفِ لهفةِ ..
وأنتِ تحملينَ مِظلَّتكِ المُلوَّنةَ ..
نَظَرتُكِ طويلاً وطويلاً ...
مَزجتُ خيالَكِ بوجودِكِ المُفترَضِ
شَهَقتُ تَبغي ونفختُهُ بقوَّةِ القِطارِ
لِيتضخَّمَ وجودُكِ المرافِقُ للدُّخانِ
فكرةٌ مُقنِعةٌ لأمتلئَ بكِ ...
رَغمَ غباوَتي في هذهِ الفكرةِ ..
فطفقَتْ تظهرُ نَزعةُ العِشقِ ..
بدأتُ محاولةً يائَسةً بالقُبُلاتِ ..
اقتربَتْ أصابِعي بحجَّة اللمْسِ
أُريدُ أن ألتهمَ جُزءَاً من بعضِكِ
وأُقنعَ ذاتي بِحقيقةِ تجسُّدِ الوهْمِ ...
فيشرَعُ التَّبغُ ينامُ رُويَداً رُويَداً ..
لقدْ أضحىٰ نِصفَ مُحتَرِقٍ ..
تعودُ احتمالاتي تلكَ الرَّتيبَةُ ..
أُراجعُ نفسي للمرَّةِ الأخيرةِ ..
فتَعلَقُ الإثارةُ بالجدرانِ الأربعةِ ..
تهترِئُ نبوءَةُ عرَّافتي ..
تتوقَّفُ أُسطورةُ الغريقِ ..
تصدِمُني أناقةُ هُروبِ خيالِكِ ..
وفَقْدُ الارتباطِ المُفاجِئِ ..
فتتخبَّطُ أفكاري في الهَباءِ ..
لمْ يبقىٰ سِوىٰ الدُّوارِ ..
أبتسمُ ساخِراً من كُلِّ شيءٍ ..
أفُكُّ لُفافةَ عُنُقي الأنيقةَ ..
أدفعُ بالكُرسيِّ إلى الخلْفِ ..
يتبعثرُ وهمُ الزَّمنِ ..
أنحرفُ فجأةً بِلا قصدٍ ..
أهمسُ لأوراقي كلماتيَ المُبهماتِ
وأزيدُها قَليلا ً من الهمهماتِ ..
جُلَّها ..
كيفَ التَّواصلُ مع وهمِ الجسدِ !!
أتنهَّدُ ..
أتمطَّىٰ بِعَرضِ الغُرفةِ ..
أحملُ مِعطفي ذا اللونِ الأخضرِ ..
أُقبِّلُ غِليوني الُمُحبَّبِ عندي ..
لقد حقَّقَ لي شَيئاً من أُمنياتي ..
آهٍ لو أستطيعُ أن أراكِ ..!
طأطأتُ رأسي ..
غادرتُ غُرفَتي على عَجَلٍ ..
أمسيتُ تحتَ القَمرِ وَحدي ..
وظِلِّيَ الطَّويلُ يتجرجرُ خلفي وينتحرُ ....

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق